الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: زاد المعاد في هدي خير العباد (نسخة منقحة)
.فَضْلُ الشّهِيدِ: وَصَحّ عَنْهُ أَنّهُ قَالَ مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ عِنْدَ اللّهِ خَيْرٌ لَا يَسُرّهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الدّنْيَا وَأَنّ لَهُ الدّنْيَا وَمَا فِيهَا إلّا الشّهِيدُ لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشّهَادَةِ فَإِنّهُ يَسُرّهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَى الدّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرّةً أُخْرَى وَفِي لَفْظٍ فَيُقْتَلَ عَشْرَ مَرّاتٍ لِمَا يَرَى مِنْ الْكَرَامَةِ وَقَالَ لِأُمّ حَارِثَةَ بِنْتِ النّعْمَانِ وَقَدْ قُتِلَ ابْنُهَا مَعَهُ يَوْمَ بَدْرٍ فَسَأَلَتْهُ أَيْنَ هُوَ؟قَالَ إنّهُ فِي الْفِرْدَوْسِ الْأَعْلَى وَقَالَ إنّ أَرْوَاحَ الشّهَدَاءِ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَسْرَحُ مِنْ الْجَنّةِ حَيْثُ شَاءَتْ ثُمّ تَأْوِي إلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ فَاطّلَعَ إلَيْهِمْ رَبّهُمْ اطّلَاعَةً فَقَالَ هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا؟ فَقَالُوا: أَيّ شَيْءٍ نَشْتَهِي وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنْ الْجَنّةِ حَيْثُ شِئْنَا فَفَعَلَ بِهِمْ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرّاتٍ فَلَمّا رَأَوْا أَنّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يَسْأَلُوا قَالُوا: يَا رَبّ نُرِيدُ أَنْ تَرُدّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِك مَرّةً أُخْرَى فَلَمّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا وَقَالَ إنّ لِلشّهِيدِ عِنْدَ اللّهِ خِصَالًا أَنْ يُغْفَرَ لَهُ مِنْ أَوّلِ دَفْعَةٍ مِنْ دَمِهِ وَيُرَى مَقْعَدُهُ مِنْ الْجَنّةِ وَيُحَلّى حِلْيَةَ الْإِيمَانِ وَيُزَوّجَ مِنْ الْحُورِ الْعَيْنِ وَيُجَارَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَيَأْمَنَ مِنْ الْفَزَعِ الْأَكْبَرِ وَيُوضَعَ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ الْيَاقُوتَةُ مِنْهُ خَيْرٌ مِنْ الدّنْيَا وَمَا فِيهَا. وَيُزَوّجَ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِنْ الْحُورِ الْعَيْنِ وَيُشَفّعَ فِي سَبْعِينَ إنْسَانًا مِنْ أَقَارِبِهِ ذَكَرَهُ أَحْمَد وَصَحّحَهُ التّرْمِذِيّ. وَقَال لِجَابِرٍ: أَلَا أُخْبِرُكَ مَا قَالَ اللّهُ لَأَبِيَكَ؟ قَالَ بَلَى قَالَ مَا كَلّمَ اللّهُ أَحَدًا إلّا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَكَلّمَ أَبَاكَ كِفَاحًا فَقَالَ يَا عَبْدِي تَمَنّ عَلَيّ أُعْطِك قَالَ يَا رَبّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيَةً قَالَ إنّهُ سَبَقَ مِنّي أَنّهُمْ إلَيْهَا لَا يُرْجَعُونَ قَالَ يَا رَبّ فَأَبْلِغْ مَنْ وَرَائِي فَأَنْزَلَ اللّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْآيَةَ {وَلَا تَحْسَبَنّ الّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبّهِمْ يُرْزَقُونَ} [آلُ عِمْرَانَ 169] وَقَالَ لَمّا أُصِيبَ إخْوَانُكُمْ بِأُحُدٍ جَعَلَ اللّهُ أَرْوَاحَهُمْ فِي أَجْوَافِ طَيْرٍ خُضْرٍ تَرِدُ أَنْهَارَ الْجَنّةِ وَتَأْكُلُ مِنْ ثِمَارِهَا وَتَأْوِي إلَى قَنَادِيلَ مِنْ ذَهَبٍ فِي ظِلّ الْعَرْشِ فَلَمّا وَجَدُوا طِيبَ مَأْكَلِهِمْ وَمَشْرَبِهِمْ وَحُسْنَ مَقِيلِهِمْ قَالُوا: يَا لَيْتَ إخْوَانَنَا يَعْلَمُونَ مَا صَنَعَ اللّهُ لَنَا لِئَلّا يَزْهَدُوا فِي الْجِهَادِ وَلَا يَنْكُلُوا عَنْ الْحَرْبِ فَقَالَ اللّهُ أَنَا أُبَلّغُهُمْ عَنْكُمْ فَأَنْزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ هَذِهِ الْآيَاتِ {وَلَا تَحْسَبَنّ الّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا} وَفِي الْمُسْنَدِ مَرْفُوعًا: الشّهَدَاءُ عَلَى بَارِقِ نَهْرٍ بِبَابِ الْجَنّةِ فِي قُبّةٍ خَضْرَاءَ يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ رِزْقُهُمْ مِنْ الْجَنّةِ بُكْرَةً وَعَشِيّةً وَقَالَ لَا تَجِفّ الْأَرْضُ مِنْ دَمِ الشّهِيدِ حَتَى يَبْتَدِرَهُ زَوْجَتَاهُ كَأَنّهُمَا طَيْرَانِ أَضَلّتَا فَصِيلَيْهِمَا بِبَرَاحٍ مِنْ الْأَرْضِ بِيَدِ كُلّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا حُلّةٌ خَيْرٌ مِنْ الدّنْيَا وَمَا فِيهَا وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ وَالنّسَائِيّ مَرْفُوعًا: لَأَنْ أُقْتَلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَحَبّ إلَيّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي أَهْلُ الْمَدَرِ وَالْوَبَرِ مَا يَجِدُ الشّهِيدُ مِنْ الْقَتْلِ إلّا كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسّ الْقَرْصَةِ وَفِي السّنَنِ: يَشْفَعُ الشّهِيدُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَفِي الْمُسْنَدِ: أَفْضَلُ الشّهَدَاءِ الّذِينَ إنْ يَلْقَوْا فِي الصّفّ لَا يَلْفِتُونَ وُجُوهَهُمْ حَتّى يَقْتُلُوا أُولَئِكَ يَتَلَبّطُونَ فِي الْغُرَفِ الْعُلَى مِنْ الْجَنّةِ وَيَضْحَكُ إلَيْهِمْ رَبّك وَإِذَا ضَحِكَ رَبّكَ إلَى عَبْدٍ فِي الدّنْيَا فَلَا حِسَابَ عَلَيْهِ وَفْيِهِ الشّهَدَاءُ أَرْبَعَةٌ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَيّدُ الْإِيمَانِ لَقِيَ الْعَدُوّ فَصَدَقَ اللّهَ حَتّى قُتِلَ فَذَلِكَ الّذِي يَرْفَعُ إلَيْهِ النّاسُ أَعْنَاقَهُمْ وَرَفَعَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ رَأْسَهُ حَتّى وَقَعَتْ قَلَنْسُوَتَهُ وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَيّدُ الْإِيمَانِ لَقِيَ الْعَدُوّ فَكَأَنّمَا يُضْرَبُ جِلْدُهُ بِشَوْكِ الطّلْحِ أَتَاهُ سَهْمُ غَرْبٍ فَقَتَلَهُ هُوَ فِي الدّرَجَةِ الثّانِيَةِ وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَيّدُ الْإِيمَانِ خَلَطَ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيّئًا لَقِيَ الْعَدُوّ فَصَدَقَ اللّهَ حَتّى قُتِلَ فَذَاكَ فِي الدّرَجَةِ الثّالِثَةِ وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ أَسْرَفَ عَلَى نَفْسِهِ إسْرَافًا كَثِيرًا لَقِيَ الْعَدُوّ فَصَدَقَ اللّهَ حَتّى قُتِلَ فَذَلِكَ فِي الدّرَجَةِ الرّابِعَة الْمُسْنَدِ وَصَحِيحِ ابْنِ حِبّانَ: الْقَتْلَى ثَلَاثَةٌ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ جَاهَدَ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ فِي سَبِيلِ اللّهِ حَتّى إذَا لَقِيَ الْعَدُوّ قَاتَلَهُمْ حَتّى يُقْتَلَ فَذَاكَ الشّهِيدُ الْمُمْتَحَنُ فِي خَيْمَةِ اللّهِ تَحْتَ عَرْشِهِ لَا يَفْضُلُهُ النّبِيّونَ إلّا بِدَرَجَةِ النّبُوّةِ وَرَجُلٌ مُؤْمِنٌ فَرِقَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الذّنُوبِ وَالْخَطَايَا جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللّهِ حَتّى إذَا لَقِيَ الْعَدُوّ قَاتَلَ حَتّى يُقْتَلَ فَتِلْكَ مُمَصْمِصَةٌ مَحَتْ ذُنُوبَهُ وَخَطَايَاهُ إنّ السّيْفَ مَحّاءُ الْخَطَايَا وَأُدْخِلَ مِنْ أَيّ أَبْوَابِ الْجَنّةِ شَاءَ فَإِنّ لَهَا ثَمَانِيَةَ أَبْوَابٍ وَلِجَهَنّمَ سَبْعَةُ أَبْوَابٍ وَبَعْضُهَا أَفْضَلُ مِنْ بَعْضٍ وَرَجُلٌ مُنَافِقٌ جَاهَدَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ حَتّى إذَا لَقِيَ الْعَدُوّ قَاتَلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ حَتّى يُقْتَلَ فَإِنّ ذَلِكَ فِي النّارِ إنّ السّيْفَ لَا يَمْحُو النّفَاقَ وَصَحّ عَنْهُ أَنّهُ لَا يَجْتَمِعُ كَافِرٌ وَقَاتِلُهُ فِي النّارِ أَبَدًا وَسُئِلَ أَيّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ؟ فَقَالَ مَنْ جَاهَدَ الْمُشْرِكِينَ بِمَالِهِ وَنَفْسِهِ قِيلَ. فَأَيّ الْقَتْلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ مَنْ أُهْرِيقَ دَمُهُ وَعُقِرَ جَوَادُهُ فِي سَبِيلِ اللّه سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ: إنّ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ كَلِمَةَ عَدْلٍ عَنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ وَهُوَ لِأَحْمَدَ وَالنّسَائِيّ مُرْسَلًا. وَصَحّ عَنْهُ أَنّهُ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمّتِهِ يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقّ لَا يَضُرّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ وَلَا مَنْ خَالَفَهُمْ حَتّى تَقُومَ السّاعَة وَفِي لَفْظٍ حَتّى يُقَاتِلَ آخِرُهُمْ الْمَسِيحَ الدّجّال..فصل مُبَايَعَتُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ أَصْحَابَهُ: وَكَانَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يُبَايِعُ أَصْحَابَهُ فِي الْحَرْبِ عَلَى أَلّا يَفِرّوا وَرُبّمَا بَايَعَهُمْ عَلَى الْمَوْتِ وَبَايَعَهُمْ عَلَى الْجِهَادِ كَمَا بَايَعَهُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ وَبَايَعَهُمْ عَلَى الْهِجْرَةِ قَبْلَ الْفَتْحِ وَبَايَعَهُمْ عَلَى التّوْحِيدِ وَالْتِزَامِ طَاعَةِ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَبَايَعَ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِهِ أَلّا يَسْأَلُوا النّاسَ شَيْئًا. وَكَانَ السّوْطُ يَسْقُطُ مِنْ يَدِ أَحَدِهِمْ فَيَنْزِلُ عَنْ دَابّتِهِ فَيَأْخُذُهُ وَلَا يَقُولُ لِأَحَدٍ نَاوِلْنِي إيّاهُ..مَشُورَتُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْجِهَادِ: وَكَانَ يُشَاوِرُ أَصْحَابَهُ فِي أَمْرِ الْجِهَادِ وَأَمْرِ الْعَدُوّ وَتَخَيّرَ الْمَنَازِلَ وَفِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: مَا رَأَيْت أَحَدًا أَكْثَرَ مَشُورَةً لِأَصْحَابِهِ مِنْ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَكَانَ يَتَخَلّفُ فِي سَاقَتِهِمْ فِي الْمَسِيرِ فَيُزْجِي الضّعِيفَ وَيُرْدِفُ الْمُنْقَطِعَ وَكَانَ أَرْفَقَ النّاسِ بِهِمْ فِي الْمَسِير وَكَانَ إذَا أَرَادَ غَزْوَةً وَرّى بِغَيْرِهَا فَيَقُولُ مَثَلًا إذَا أَرَادَ غَزْوَةَ حُنَيْنٍ: كَيْفَ طَرِيقُ نَجْدٍ وَمِيَاهُهَا وَمَنْ بِهَا مِنْ الْعَدُوّ وَنَحْوُ ذَلِكَ. وَكَانَ يَقُولُ الْحَرْبُ خَدْعَة وَكَانَ يَبْعَثُ الْعُيُونَ يَأْتُونَهُ بِخَبَرِ عَدُوّهِ وَيُطْلِعُ الطّلَائِعَ وَيُبَيّتُ الْحَرَسَ وَكَانَ إذَا لَقِيَ عَدُوّهُ وَقَفَ وَدَعَا وَاسْتَنْصَرَ اللّهَ وَأَكْثَرَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ مِنْ ذِكْرِ اللّهِ وَخَفَضُوا أَصْوَاتَهُمْ وَكَانَ يُرَتّبُ الْجَيْشَ وَالْمُقَاتِلَةَ وَيَجْعَلُ فِي كُلّ جَنَبَةٍ كُفْئًا لَهَا وَكَانَ يُبَارِزُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِأَمْرِهِ وَكَانَ يَلْبَسُ لِلْحَرْبِ عُدّتَهُ وَرُبّمَا ظَاهَرَ بَيْنَ دِرْعَيْنِ وَكَانَ لَهُ الْأَلْوِيَةُ وَالرّايَات وَكَانَ إذَا ظَهَرَ عَلَى قَوْمٍ أَقَامَ بِعَرْصَتِهِمْ ثَلَاثًا ثُمّ قَفَل وَكَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يُغَيّرَ انْتَظَرَ فَإِنْ سَمِعَ فِي الْحَيّ مُؤَذّنًا لَمْ يُغِرْ وَإِلّا أَغَار وَكَانَ رُبّمَا بَيّتَ عَدُوّهُ وَرُبّمَا فَاجَأَهُمْ نَهَارًا وَكَانَ يُحِبّ الْخُرُوجَ يَوْمَ الْخَمِيسِ بَكْرَةَ النّهَار وَكَانَ الْعَسْكَرُ إذَا نَزَلَ انْضَمّ بَعْضُهُ إلَى بَعْضٍ حَتّى لَوْ بُسِطَ عَلَيْهِمْ كِسَاءٌ لَعَمّهُمْ. وَكَانَ يُرَتّبُ الصّفُوفَ وَيُعَبّئُهُمْ عِنْدَ الْقِتَالِ بِيَدِهِ وَيَقُولُ تَقَدّمْ يَا فُلَانُ تَأَخّرْ يَا فُلَانُ وَكَانَ يَسْتَحِبّ لِلرّجُلِ مِنْهُمْ أَنْ يُقَاتِلَ تَحْتَ رَايَةِ قَوْمِهِ..دُعَاءُ لِقَاءِ الْعَدُوّ: وَكَانَ إذَا لَقِيَ الْعَدُوّ قَالَ اللّهُمّ مُنَزّلَ الْكِتَابِ وَمُجْرِيَ السّحَابِ وَهَازِمَ الْأَحْزَابِ اهْزِمْهُمْ وَانْصُرْنَا عَلَيْهِمْ وَرُبّمَا قَالَ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلّونَ الدّبُرَ بَلْ السّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَالسّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرّ وَكَانَ يَقُولُ اللّهُمّ أَنْزِلْ نَصْرَكَ وَكَانَ يَقُولُ اللّهُمّ أَنْتَ عَضُدِي وَأَنْتَ نَصِيرِي وَبِكَ أُقَاتِل وَكَانَ إذَا اشْتَدّ لَهُ بَأْسٌ وَحَمِيَ الْحَرْبُ وَقَصَدَهُ الْعَدُوّ يُعْلِمُ بِنَفْسِهِ وَيَقُولُ:وَكَانَ النّاسُ إذَا اشْتَدّ الْحَرْبُ اتّقَوْا بِهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَكَانَ أَقْرَبَهُمْ إلَى الْعَدُوّ. وَكَانَ يَجْعَلُ لِأَصْحَابِهِ شِعَارًا فِي الْحَرْبِ يُعْرَفُونَ بِهِ إذَا تَكَلّمُوا وَكَانَ شِعَارُهُمْ مَرّةً أَمِتْ أَمِتْ وَمَرّةً يَا مَنْصُورُ وَمَرّةً حم لَا يُنْصَرُون. .عُدّتُهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي الْحَرْبِ: وَكَانَ يَلْبَسُ الدّرْعَ وَالْخُوذَةَ وَيَتَقَلّدُ السّيْفَ وَيَحْمِلُ الرّمْحَ وَالْقَوْسَ الْعَرَبِيّةَ وَكَانَ يَتَتَرّسُ بِالتّرْسِ وَكَانَ يُحِبّ الْخُيَلَاءَ فِي الْحَرْبِ وَقَالَ إنّ مِنْهَا مَا يُحِبّهُ اللّهُ وَمِنْهَا مَا يُبْغِضُهُ اللّهُ فَأَمّا الْخُيَلَاءُ الّتِي يُحِبّهَا اللّهُ فَاخْتِيَالُ الرّجُلِ بِنَفْسِهِ عِنْدَ اللّقَاءِ وَاخْتِيَالُهُ عِنْدَ الصّدَقَةِ وَأَمّا الّتِي يُبْغِضُ اللّهُ عَزّ وَجَلّ فَاخْتِيَالُهُ فِي الْبَغْيِ وَالْفَخْرِ وَقَاتَلَ مَرّةً بِالْمَنْجَنِيقِ نَصَبَهُ عَلَى أَهْلِ الطّائِفِ. وَكَانَ يَنْهَى عَنْ قَتْلِ النّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ وَكَانَ يَنْظُرُ فِي الْمُقَاتِلَةِ، فَمَنْ رَآهُ أَنْبَتَ قَتَلَهُ وَمَنْ لَمْ يُنْبِتْ اسْتَحْيَاهُ. وَكَانَ إذَا بَعَثَ سَرِيّةً يُوصِيهِمْ بِتَقْوَى اللّهِ وَيَقُولُ سِيرُوا بِسْمِ اللّهِ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ، وَقَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاَللّهِ وَلَا تُمَثّلُوا، وَلَا تَغْدُرُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا وَكَانَ يَنْهَى عَنْ السّفَرِ بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوّ..الدّعْوَةُ قَبْلَ الْقَتْلِ: وَكَانَ يَأْمُرُ أَمِيرَ سَرِيّتِهِ أَنْ يَدْعُوَ عَدُوّهُ قَبْلَ الْقِتَالِ إمّا إلَى الْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ أَوْ إلَى الْإِسْلَامِ دُونَ الْهِجْرَةِ وَيَكُونُونَ كَأَعْرَابِ الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْفَيْءِ نَصِيبٌ أَوْ بَذْلِ الْجِزْيَةِ فَإِنْ هُمْ أَجَابُوا إلَيْهِ قَبِلَ مِنْهُمْ وَإِلّا اسْتَعَانَ بِاَللّهِ وَقَاتَلَهُمْ..الْأَسْلَابُ وَالْغَنَائِمُ: وَكَانَ إذَا ظَفِرَ بِعَدُوّهِ أَمَرَ مُنَادِيًا، فَجَمَعَ الْغَنَائِمَ كُلّهَا، فَبَدَأَ بِالْأَسْلَابِ فَأَعْطَاهَا لِأَهْلِهَا، ثُمّ أَخْرَجَ خُمُسَ الْبَاقِي، فَوَضَعَهُ حَيْثُ أَرَاهُ اللّهُ وَأَمَرَهُ بِهِ مِنْ مَصَالِحِ الْإِسْلَامِ ثُمّ يَرْضَخُ مِنْ الْبَاقِي لِمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ مِنْ النّسَاءِ وَالصّبْيَانِ وَالْعَبِيدِ ثُمّ قَسَمَ الْبَاقِيَ بِالسّوِيّةِ بَيْنَ الْجَيْشِ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةُ أَسْهُمٍ سَهْمٌ لَهُ وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ وَلِلرّاجِلِ سَهْمٌ هَذَا هُوَ الصّحِيحُ الثّابِتُ عَنْهُ..حُكْمُ الْأَنْفَالِ: وَكَانَ يُنَفّلُ مِنْ صُلْبِ الْغَنِيمَةِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ وَقِيلَ بَلْ كَانَ النّفَلُ مِنْ الْخُمُسِ، وَقِيلَ وَهُوَ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ بَلْ كَانَ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ. وَجَمَعَ لِسَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ فِي بَعْضِ مَغَازِيهِ بَيْنَ سَهْمِ الرّاجِلِ وَالْفَارِسِ فَأَعْطَاهُ عَدَا النّفَلِ. وَكَانَ إذَا أَغَارَ فِي أَرْضِ الْعَدُوّ، بَعَثَ سَرِيّةً بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَا غَنِمَتْ أَخْرَجَ خُمُسَهُ وَنَفّلَهَا رُبُعَ الْبَاقِي، وَقَسَمَ الْبَاقِيَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ سَائِرِ الْجَيْشِ وَإِذَا رَجَعَ فَعَلَ ذَلِكَ وَنَفّلَهَا الثّلُثَ وَمَعَ ذَلِكَ فَكَانَ يَكْرَهُ النّفَلَ وَيَقُولُ لِيَرُدّ قَوِيّ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى ضَعِيفِهِمْ وكَانَ لَهُ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ سَهْمٌ مِنْ الْغَنِيمَةِ يُدْعَى الصّفِيّ إنْ شَاءَ عَبْدًا، وَإِنْ شَاءَ أَمَةً وَإِنْ شَاءَ فَرَسًا يَخْتَارُهُ قَبْلَ الْخُمُسِ. قَالَتْ عَائِشَةُ: وَكَانَتْ صَفِيّةُ مِنْ الصّفِيّ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ. وَلِهَذَا جَاءَ فِي كِتَابِهِ إلَى بَنِي زُهَيْرِ بْنِ أُقَيْشٍ إنّكُمْ إنْ شَهِدْتُمْ أَنْ لَا إلَهَ إلّا اللّهُ، وَأَنّ مُحَمّدًا رَسُولُ اللّهِ وَأَقَمْتُمْ الصّلَاةَ وَآتَيْتُمْ الزّكَاةَ وَأَدّيْتُمْ الْخُمُسَ مِنْ الْمَغْنَمِ وَسَهْمَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ وَسَهْمَ الصّفِيّ أَنْتُمْ آمِنُونَ بِأَمَانِ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَكَانَ سَيْفُهُ ذُو الْفَقَارِ مِنْ الصّفِيّ..السّهْمُ لِمَنْ غَابَ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ: وَكَانَ يُسْهِمُ لِمَنْ غَابَ عَنْ الْوَقْعَةِ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا أَسْهَمَ لِعُثْمَانَ سَهْمَهُ مِنْ بَدْرٍ، وَلَمْ يَحْضُرْهَا لِمَكَانِ تَمْرِيضِهِ لِامْرَأَتِهِ رُقَيّةَ ابْنَةِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَقَالَ إنّ عُثْمَانَ انْطَلَقَ فِي حَاجَةِ اللّهِ وَحَاجَةِ رَسُولِهِ فَضَرَبَ لَهُ سَهْمَهُ وَأَجْرَهُ..التّجَارَةُ فِي الْغَزْوِ: وَكَانُوا يَشْتَرُونَ مَعَهُ فِي الْغَزْوِ وَيَبِيعُونَ وَهُوَ يَرَاهُمْ وَلَا يَنْهَاهُمْ وَأَخْبَرَهُ رَجُلٌ أَنّهُ رَبِحَ رِبْحًا لَمْ يَرْبَحْ أَحَدٌ مِثْلَهُ فَقَالَ مَا هُوَ؟ قَالَ مَا زِلْتُ أَبِيعُ وَأَبْتَاعُ حَتّى رَبِحْتُ ثَلَاثَمِائَةِ أُوقِيّةٍ فَقَالَ أَنَا أُنَبّئُكَ بِخَيْرِ رَجُلٍ رَبِحَ قَالَ مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللّهِ؟ قَالَ رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ الصّلَاةِ وَكَانُوا يَسْتَأْجِرُونَ الْأُجَرَاءَ لِلْغَزْوِ عَلَى نَوْعَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنْ يَخْرُجَ الرّجُلُ وَيَسْتَأْجِرَ مَنْ يَخْدِمُهُ فِي سَفَرِهِ.وَالثّانِي: أَنْ يَسْتَأْجِرَ مِنْ مَالِهِ مَنْ يَخْرُجُ فِي وَيُسَمّونَ ذَلِكَ الْجَعَائِلَ وَفِيهَا قَالَ النّبِيّ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ لِلْغَازِي أَجْرُهُ وَلِلْجَاعِلِ أَجْرُهُ وَأَجْرُ الْغَازِي..التّشَارُكُ فِي الْغَنِيمَةِ: وَكَانُوا يَتَشَارَكُونَ فِي الْغَنِيمَةِ عَلَى نَوْعَيْنِ أَيْضًا:أَحَدُهُمَا: شَرِكَةُ الْأَبْدَانِ وَالثّانِي: أَنْ يَدْفَعَ الرّجُلُ بَعِيرَهُ إلَى الرّجُلِ أَوْ فَرَسَهُ يَغْزُو عَلَيْهِ عَلَى النّصْفِ مِمّا يَغْنَمُ حَتّى رُبّمَا اقْتَسَمَا السّهْمَ فَأَصَابَ أَحَدُهُمَا قِدْحَهُ وَالْآخَرُ نَصْلَهُ وَرِيشَهُ. وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: اشْتَرَكْتُ أَنَا وَعَمّارٌ وَسَعْدٌ فِيمَا نُصِيبُ يَوْمَ بَدْرٍ، فَجَاءَ سَعْدٌ بِأَسِيرَيْنِ وَلَمْ أَجِئْ أَنَا وَعَمّارٌ بِشَيْءٍ وَكَانَ يَبْعَثُ بِالسّرِيّةِ فُرْسَانًا تَارَةً وَرِجَالًا أُخْرَى، وَكَانَ لَا يُسْهِمُ لِمَنْ قَدِمَ مِنْ الْمَدَدِ بَعْدَ الْفَتْحِ..فصل سَهْمُ ذِي الْقُرْبَى: وَكَانَ يُعْطِي سَهْمَ ذِي الْقُرْبَى فِي بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي الْمُطّلِبِ دُونَ إخْوَتِهِمْ مِنْ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَبَنِي نَوْفَلٍ، وَقَالَ إنّمَا بَنُو الْمُطّلِبِ وَبَنُو هَاشِمٍ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَشَبّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَقَالَ إنّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونَا فِي جَاهِلِيّةٍ وَلَا إسْلَامٍ..فصل لَا يُخَمّسُ الطّعَامُ: وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُصِيبُونَ مَعَهُ فِي مَغَازِيهِمْ الْعَسَلَ وَالْعِنَبَ وَالطّعَامَ فَيَأْكُلُونَهُ وَلَا يَرْفَعُونَهُ فِي الْمَغَانِمِ قَالَ ابْنُ عُمَرَ: إنّ جَيْشًا غَنِمُوا فِي زَمَانِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ طَعَامًا وَعَسَلًا، وَلَمْ يُؤْخَذْ مِنْهُمْ الْخُمُس ذَكَرَهُ أَبُو دَاوُدَ. وَانْفَرَدَ عَبْدُ اللّهِ بْنُ الْمُغَفّلِ يَوْمَ خَيْبَرَ بِجِرَابِ شَحْمٍ وَقَالَ لَا أُعْطِي الْيَوْمَ أَحَدًا مِنْ هَذَا شَيْئًا، فَسَمِعَهُ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فَتَبَسّمَ وَلَمْ يَقُلْ لَهُ شَيْئًا وَقِيلَ لِابْنِ أَبِي أَوْفَى: كُنْتُمْ تُخَمّسُونَ الطّعَامَ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ؟ فَقَالَ أَصَبْنَا طَعَامًا يَوْمَ خَيْبَرَ، وَكَانَ الرّجُلُ يَجِيءُ فَيَأْخُذُ مِنْهُ مِقْدَارَ مَا يَكْفِيهِ ثُمّ يَنْصَرِف وَقَالَ بَعْضُ الصّحَابَةِ كُنّا نَأْكُلُ الْجَوْزَ فِي الْغَزْوِ، وَلَا نَقْسِمُهُ حَتّى إنْ كُنّا لَنَرْجِعُ إلَى رِحَالِنَا وَأَجْرِبَتُنَا مِنْهُ مَمْلُوءَةٌ..فصل حُكْمُ النّهْبَةِ وَالْمُثْلَةِ: وَكَانَ يَنْهَى فِي مَغَازِيهِ عَنْ النّهْبَةِ وَالْمُثْلَةِ وَقَالَ مَنْ انْتَهَبَ نُهْبَةً فَلَيْسَ مِنّا وَأَمَرَ بِالْقُدُورِ الّتِي طُبِخَتْ مِنْ النّهْبَى فَأُكْفِئَتْ وَذَكَرَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ النّاسَ حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ وَجَهْدٌ وَأَصَابُوا غَنَمًا، فَانْتَهَبُوهَا وَإِنّ قُدُورَنَا لَتَغْلِي إذْ جَاءَ رَسُولُ اللّهِ صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ يَمْشِي عَلَى قَوْسِهِ فَأَكْفَأَ قُدُورَنَا بِقَوْسِهِ ثُمّ جَعَلَ يُرْمِلُ اللّحْمَ بِالتّرَابِ ثُمّ قَالَ إنّ النّهْبَةَ لَيْسَتْ بِأَحَلّ مِنْ الْمَيْتَةِ، أَوْ إنّ الْمَيْتَةَ لَيْسَتْ بِأَحَلّ مِنْ النّهْبَة.
|