فصل: بَاب فضل سلمَان الْفَارِسِي وَذكر إِسْلَامه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأحكام الشرعية الكبرى



.بَاب فضل سلمَان الْفَارِسِي وَذكر إِسْلَامه:

التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا سُفْيَان بن وَكِيع، ثَنَا أبي، عَن الْحسن بن صَالح، عَن أبي ربيعَة الْإِيَادِي، عَن الْحسن، عَن أنس بن مَالك قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِن الْجنَّة تشتاق إِلَى ثَلَاثَة عمار وَعلي وسلمان».
قَالَ: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث الْحسن بن صَالح.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُوسَى بن عبد الله الْخُزَاعِيّ، ثَنَا بكر بن سُلَيْمَان، حَدثنَا مُحَمَّد بن إِسْحَاق.
وَحدثنَا عَمْرو بن عَليّ، ثَنَا عبد الله بن هَارُون بن أبي عِيسَى، عَن أَبِيه، عَن ابْن إِسْحَاق، أَنه سمع عَاصِم بن عمر بن قَتَادَة، عَن مَحْمُود بن لبيد، عَن عبد الله بن عَبَّاس قَالَ: «حَدثنِي سلمَان الْفَارِسِي حَدَّثَنِيهِ من فَمه قَالَ: كنت رجلا فارسيا من أهل أَصْبَهَان من قَرْيَة مِنْهَا يُقَال لَهَا حييّ، وَكَانَ أبي دهقان قريته، وَكنت أحب خلق الله إِلَيْهِ، لم يزل بِهِ حبه إيَّايَ حَتَّى حَبَسَنِي فِي بَيته كَمَا تحبس الْجَارِيَة، فاجتهدت فِي الْمَجُوسِيَّة حَتَّى كنت قاطن النَّار أوقدها لَا أتركها تخبو سَاعَة، وَكَانَت لأبي ضَيْعَة عَظِيمَة، فشغل يَوْمًا فَقَالَ لي: يَا بني، إِنِّي قد شغلت هَذَا الْيَوْم عَن ضيعتي، اذْهَبْ إِلَيْهَا فطالعها. وَأَمرَنِي فِيهَا بِبَعْض مَا يُرِيد، ثمَّ قَالَ لي: لَا تحتبس عَليّ فَإنَّك إِن احتسبت عَليّ كنت أهم إِلَيّ من ضيعتي وشغلتني عَن كل شَيْء من أَمْرِي. فَخرجت أُرِيد ضيعته أَسِير إِلَيْهَا فمررت بكنيسة من كنائس النَّصَارَى، فَسمِعت أَصْوَاتهم فِيهَا وهم يصلونَ، وَكنت لَا أَدْرِي بِأَمْر النَّاس لحبس أبي إيَّايَ فِي بَيته، فَلَمَّا سَمِعت أَصْوَاتهم دخلت عَلَيْهِم أنظر مَا يصنعون، فَلَمَّا رَأَيْتهمْ أعجبتني صلَاتهم ورغبت فِي أَمرهم وَقلت: وَالله هَذَا خير من الَّذِي نَحن عَلَيْهِ، فَمَا بَرحت من عِنْدهم حَتَّى غربت الشَّمْس وَتركت ضَيْعَة أبي، ثمَّ قلت لَهُم: أَيْن أصل هَذَا الدَّين؟ قَالُوا: رجل بِالشَّام. ثمَّ رجعت إِلَى أبي وَقد بعث فِي طلبي وَقد شغلته عَن عمله. فَقَالَ: أَي بني أَيْن كنت؟ ألم أكن عهِدت إِلَيْك مَا عهِدت؟ قَالَ: فَقلت: مَرَرْت بناس يصلونَ فِي كَنِيسَة لَهُم فَدخلت عَلَيْهِم، فَمَا زلت عِنْدهم وهم يصلونَ حَتَّى غربت الشَّمْس. فَقَالَ: أَي بني لَيْسَ فِي ذَلِك الدَّين خير، دينك وَدين أبائك خير مِنْهُ. ثمَّ حَبَسَنِي فِي بَيته وَبعثت لِلنَّصَارَى وَقلت: إِذا قدم عَلَيْكُم ركب من الشَّام فَأَخْبرُونِي بهم. فَقدم عَلَيْهِم ركب من الشَّام تجار من النَّصَارَى فَأَخْبرُونِي بهم، فَقلت لَهُم: إِذا قضوا حوائجهم وَأَرَادُوا الرّجْعَة إِلَّا بِلَادهمْ فآذنوني بهم. فَلَمَّا أَرَادوا الرّجْعَة إِلَى بِلَادهمْ أخبروني بهم فألقيت الْحَدِيد من رجْلي ثمَّ خرجت مَعَهم حَتَّى قدمت الشَّام، فَلَمَّا قدمتها قلت: من أفضل هَذَا الدَّين علما؟ قَالُوا: الأسقف فِي الْكَنِيسَة. فَجِئْته فَقلت لَهُ: إِنِّي قد رغبت فِي هَذَا الدَّين فَأَحْبَبْت أَن أكون مَعَك فِي كنيستك وأتعلم مِنْك وأصلي مَعَك. قَالَ: فَدخل فَدخلت مَعَه وَكَانَ رجل سوء يَأْمر بِالصَّدَقَةِ ويرغبهم فِيهَا فَإِذا جمعُوا إِلَيْهِ شَيْئا مِنْهَا أكنزه لنَفسِهِ، فَلم يُعْط إنْسَانا مِنْهَا شَيْئا حَتَّى جمع قلالا من ذهب وورق، وأبغضته بغضا شَدِيدا لما رَأَيْته يصنع، ثمَّ مَاتَ فاجتمعت إِلَيْهِ النَّصَارَى ليدفنوه فَقلت لَهُم: إِن هَذَا كَانَ رجل سوء يَأْمُركُمْ بِالصَّدَقَةِ ويرغبكم فِيهَا فَإِذا جئتموه بهَا أكنزها لنَفسِهِ، فَلم يُعْط إنْسَانا- أَو لم يُعْط الْمَسَاكِين- مِنْهَا شَيْئا. قَالُوا: وَمَا علمك بذلك؟ قلت لَهُم: أَنا أدلكم على كنزه. قَالُوا: فدلنا عَلَيْهِ. فدللتهم عَلَيْهِ فَاسْتَخْرَجُوا ذَهَبا وورقا فَلَمَّا رأوها قَالُوا: وَالله مَا ندفنه أبدا. فصلبوه ثمَّ رَجَمُوهُ بِالْحِجَارَةِ، وَكَانَ ثمَّ رجل آخر فجعلوه مَكَانَهُ. قَالَ: يَقُول سلمَان: مَا رَأَيْت رجلا لَا يُصَلِّي الْخمس أفضل مِنْهُ، أزهد فِي الدُّنْيَا وَلَا أَرغب فِي الْآخِرَة، وَلَا أدأب لَيْلًا وَنَهَارًا مِنْهُ، فأحببته حبا لم أحبه شَيْئا قطّ، فَمَا زلت مَعَه زَمَانا حَتَّى حَضرته الْوَفَاة، فَقلت لَهُ: يَا فلَان، إِنِّي قد كنت مَعَك، فأحببتك حبا لم أحبه شَيْئا قبلك، وَقد حضرك من أَمر الله تَعَالَى مَا ترى فَإلَى من توصي بِي وَمَا تَأْمُرنِي؟ قَالَ: أَي بني، وَالله مَا أعلم أحدا على مَا كنت عَلَيْهِ، لقد هلك النَّاس وتوَلّوا وَتركُوا كثيرا مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ إِلَّا رجلا بالموصل وَهُوَ فلَان وَهُوَ على مَا كنت عَلَيْهِ، فَالْحق بِهِ. فَلَمَّا مَاتَ وغيب لحقت بِصَاحِب الْموصل فَقلت لَهُ: يَا فلَان، إِن فلَانا أَوْصَانِي عِنْد مَوته أَن ألحق بك، وَأَخْبرنِي أَنَّك على أمره. فَقَالَ: فأقم عِنْدِي فأقمت عِنْده فَوَجَدته خير رجل على أَمر صَاحبه فَلم ألبث أَن مَاتَ فَلَمَّا حَضرته الْوَفَاة قلت لَهُ: يَا فلَان، إِن فلَانا أَوْصَانِي إِلَيْك وَأَمرَنِي أَن ألحق بك، وَقد حضرك من أَمر الله مَا ترى فَإلَى من توصي بِي وَمَا تَأْمُرنِي؟ قَالَ: أَي بني، وَالله مَا أعلم رجلا على مثل مَا كُنَّا عَلَيْهِ إِلَّا رجلا بنصيبين وَهُوَ فلَان فَالْحق بِهِ. فَلَمَّا مَاتَ وغيب لحقت بِصَاحِب نَصِيبين فَجِئْته فَأَخْبَرته بِمَا أَمرنِي بِهِ صَاحبه، قَالَ: فأقم عِنْدِي. فأقمت عِنْده فَوَجَدته على أَمر صَاحِبيهِ فأقمت مَعَ خير رجل، فوَاللَّه مَا لبث أَن نزل بِهِ الْمَوْت، فَلَمَّا حضر قلت لَهُ: يَا فلَان، إِن فلَانا أوصى بِي إِلَى فلَان وَأوصى بِي فلَان إِلَيْك، فَإلَى من توصي بِي وَبِمَ تَأْمُرنِي؟ فَقَالَ: يَا بني، مَا أعلم أحدا بَقِي على مَا أَنا عَلَيْهِ آمُرك أَن تَأتيه إِلَّا رجلا بعمورية من أَرض الرّوم على مَا نَحن عَلَيْهِ فَإِنَّهُ على مَا أمرنَا. فَلَمَّا مَاتَ وغيب لحقت بِصَاحِب عمورية فَأَخْبَرته خبري، فَقَالَ: أقِم عِنْدِي. فأقمت عِنْد خير رجل على هدي أَصْحَابه وَأمرهمْ، واكتسبت حَتَّى كَانَت لي بقيرات وغنيمة، ثمَّ نزل بِهِ أَمر الله فَلَمَّا حضر قلت لَهُ: يَا فلَان، إِنِّي كنت مَعَ فلَان فأوصى بِي إِلَّا فلَان، ثمَّ أوصى بِي إِلَى فلَان، ثمَّ أوصى بِي فلَان إِلَيْك، فَإلَى من توصي بِي وَمَا تَأْمُرنِي؟ قَالَ: وَالله مَا أعلم أصبح لَك على مَا كُنَّا عَلَيْهِ أحد من النَّاس آمُرك أَن تَأتيه، وَلَكِن قد أظلك زمَان نَبِي مَبْعُوث بدين إِبْرَاهِيم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخرج بِأَرْض الْعَرَب مُهَاجرا إِلَى أَرض بَين حرتين بِهِ عَلَامَات لَا تخفى: يَأْكُل الْهَدِيَّة، وَلَا يَأْكُل الصَّدَقَة، بَين كَتفيهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاتم النُّبُوَّة، فَإِن اسْتَطَعْت أَن تلْحق بِتِلْكَ الْبِلَاد فافعل. ثمَّ مَاتَ وغيب فَمَكثت بعمورية مَا شَاءَ الله أَن أمكث، ثمَّ مر بِي نفر من كلب تجار فَقلت لَهُم: تحملوني إِلَى أَرض الْعَرَب وأعطيكم بقراتي هَذِه وغنيمتي. قَالَ: فأعطيتهم وحملوني مَعَهم حَتَّى إِذا قدمُوا بِي وَادي الْقرى ظلموني، فباعوني من رجل يَهُودِيّ كنت عِنْده، فَرَأَيْت النّخل فرجوت أَن يكون الْبَلَد الَّذِي وصف لي صَاحِبي وَلم يحِق فِي نَفسِي، فَبينا أَنا عِنْده قدم عَلَيْهِ ابْن عَم لَهُ من بني قُرَيْظَة فابتاعني مِنْهُ فَحَمَلَنِي إِلَى المدنية فوَاللَّه مَا هُوَ إِلَّا أَن رَأَيْتهَا عرفتها بِصفة صَاحِبي إِلَيّ، فأقمت بهَا، فَبعث الله رَسُوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأقَام بِمَكَّة مَا أَقَامَ، مَا أسمع لَهُ بِذكر مَعَ مَا أَنا فِيهِ من شغل الرّقّ، ثمَّ هَاجر إِلَى الْمَدِينَة فوَاللَّه إِنِّي لفي رَأس عذق لسيدي أعمل لَهُ فِيهِ بعض الْعَمَل، وسيدي جَالس تحتي إِذْ أقبل ابْن عَم لَهُ حَتَّى وقف عَلَيْهِ فَقَالَ: قَاتل الله بني قيلة، وَالله إِنَّهُم الْآن ليجتمعون على رجل قدم عَلَيْهِم من مَكَّة الْيَوْم، يَزْعمُونَ أَنه نَبِي. فَلَمَّا سمعته أَخَذَنِي- يَعْنِي الْفَرح- حَتَّى ظَنَنْت أَنِّي سَاقِط على سَيِّدي، وَنزلت عَن النَّخْلَة، وَجعلت أَقُول لِابْنِ عَمه ذَلِك: مَاذَا تَقول مَاذَا تَقول؟ فَغَضب سَيِّدي فلكمني لكمة شَدِيدَة، ثمَّ قَالَ لي: مَا لَك وَلِهَذَا؟ أقبل على عَمَلك. قلت: لَا شَيْء إِنَّمَا أردْت أَنا أستفتيه عَمَّا قَالَ. وَقد كَانَ عِنْدِي شَيْء جمعته فَلَمَّا أمسيت أَخَذته ثمَّ ذهبت إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بقباء، فَدخلت عَلَيْهِ فَقلت لَهُ: إِنَّه قد بَلغنِي أَنَّك رجل صَالح ومعك أَصْحَاب لَك غرباء ذَوُو حَاجَة، وَهَذَا شَيْء كَانَ عِنْدِي صَدَقَة فرأيتكم أَحَق بِهِ من غَيْركُمْ. قَالَ: وقربته إِلَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابه: كلوا. وَأمْسك هُوَ فَلم يَأْكُل مِنْهُ. فَقلت فِي نَفسِي: هَذِه وَاحِدَة. ثمَّ انصرفت عَنهُ فَجمعت شَيْئا، فتحول رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْمَدِينَة ثمَّ جِئْت بِهِ فَقلت لَهُ: إِنِّي قد رَأَيْتُك لَا تَأْكُل الصَّدَقَة، وَهَذِه هَدِيَّة أكرمتك بهَا. فَأكل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهَا وَأمر أَصْحَابه فَأَكَلُوا مِنْهَا، وَقلت فِي نَفسِي: هَاتَانِ ثِنْتَانِ، ثمَّ جِئْت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ببقيع الْغَرْقَد وَقد اتبع جَنَازَة رجل من أَصْحَابه وَهُوَ جَالس فسملت عَلَيْهِ، ثمَّ اسْتَدْبَرت أنظر إِلَى ظَهره هَل أرى الْخَاتم الَّذِي وصف لي صَاحِبي، فَلَمَّا رَآنِي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ استدبرته عرف أَنِّي أستثبت فِي شَيْء وصف لي، فَألْقى رِدَاءَهُ عَن ظَهره فَنَظَرت إِلَى الْخَاتم فعرفته؛ فأكببت عَلَيْهِ أقبله وأبكي، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تحول. فتحولت فَجَلَست بَين يَدَيْهِ فقصصت عَلَيْهِ حَدِيثي كَمَا حدثتك يَا ابْن عَبَّاس، فأعجب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يسمع ذَلِك أَصْحَابه، ثمَّ شغل سلمَان الرّقّ حَتَّى فَاتَهُ مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بدر وَأحد، ثمَّ قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَاتب يَا سلمَان. فكاتبت صَاحِبي على ثَلَاثمِائَة نَخْلَة أحييها لَهُ وبأربعين أُوقِيَّة، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَصْحَابه: أعينوا أَخَاكُم. فأعانوني فِي النّخل الرجل بالثلاثين، وَالرجل بالعشرين، وَرجل بِخمْس عشرَة، وَالرجل بِخمْس، وَالرجل بِقدر مَا عِنْده حَتَّى اجْتمعت لي ثَلَاثمِائَة، فَقَالَ لي رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اذْهَبْ يَا سلمَان فَإِذا فرغت فَآذِنِّي أكون مَعَك أَنا أضعها بيَدي، ففقرت لَهَا وأعانني أَصْحَابِي حَتَّى إِذا فرغت جِئْت فَأَخْبَرته، فَخرج رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ معي إِلَيْهَا فَجعلنَا نقرب لَهُ الودي ويضعه رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ حَتَّى فَرغْنَا، فوالذي نفس سلمَان بِيَدِهِ مَا مَاتَ مِنْهَا نَخْلَة وَاحِدَة، فأديت النّخل وَبَقِي عَليّ المَال، فَأتى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمثل بَيْضَة الدَّجَاجَة من ذهب من بعض الْمَعَادِن قَالَ: مَا فعل الْفَارِسِي الْمكَاتب؟ فَدُعِيت لَهُ فَقَالَ: خُذ هَذِه فأد بهَا مَا عَلَيْك يَا سلمَان. فَقلت: وَأَيْنَ تقع هَذِه يَا رَسُول الله مِمَّا عَليّ؟ قَالَ: خُذْهَا فَإِن الله سيؤدي بهَا عَنْك. فوزنت لَهُ مِنْهَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ أَرْبَعِينَ أُوقِيَّة بأوقيتهم حَقهم، وَعتق سلمَان، وَشهِدت مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمشَاهد ولم يفتني مَعَه مشْهد».
الْبَزَّار: حَدثنَا عَبدة بن عبد الله، ثَنَا زيد بن الْحباب، أبنا حُسَيْن بن وَاقد، عَن عبد الله بن بُرَيْدَة، عَن أَبِيه «أن سلمَان الْفَارِسِي لما قدم إِلَى الْمَدِينَة أَتَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمائدة عَلَيْهَا رطب فَقَالَ لَهُ: مَا هَذَا يَا سلمَان؟ قَالَ: صَدَقَة تَصَدَّقت بهَا عَلَيْك وعَلى أَصْحَابك. فَقَالَ: إِنَّا لَا نَأْكُل الصَّدَقَة. حَتَّى إِذا كَانَ من الْغَد جَاءَ بِمِثْلِهَا فوضعها بَين يَدَيْهِ، فَقَالَ: يَا سلمَان، مَا هَذَا؟ فَقَالَ: هَدِيَّة. فَقَالَ: كلوا. وَأكل، وَنظر إِلَى الْخَاتم فِي ظَهره قَالَ: وَاشْتَرَاهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَذَا وَكَذَا درهما من الْيَهُودِيّ وعَلى أَن يغْرس لَهُم كَذَا وَكَذَا من النّخل وَيعْمل حَتَّى تطعم. قَالَ: فغرس رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النّخل إِلَّا نَخْلَة وَاحِدَة غرسها غَيره، فأطعم النّخل من عَامه إِلَّا النَّخْلَة الَّتِي غرسها غَيره، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من غرسها؟ قَالُوا: فلَان. فقلعها وغرسها رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأطعمت من عامها».
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلمهُ يرْوى إِلَّا عَن بُرَيْدَة، عَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ذكر ابْن أبي شيبَة هَذَا الحَدِيث فِي مُسْنده عَن زيد بن الْحباب بِإِسْنَاد الْبَزَّار وَقَالَ: إِن الَّذِي غرس النَّخْلَة عمر بن الْخطاب- رَضِي الله عَنهُ.
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْحسن بن عمر بن شَقِيق، ثَنَا مُعْتَمر قَالَ: ثَنَا أبي، ثَنَا أَبُو عُثْمَان، عَن سلمَان الْفَارِسِي «أنه تداوله بضعَة عشر من رب إِلَى رب».
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن يُوسُف، ثَنَا سُفْيَان، عَن عَوْف، عَن أبي عُثْمَان قَالَ: سَمِعت سلمَان يَقُول: «أنا من رام هُرْمُز».