فصل: بَاب مَتى وَجَبت النُّبُوَّة للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الأحكام الشرعية الكبرى



.كتاب المناقب:

.بَاب ذكر نسب النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن مهْرَان الرَّازِيّ وَمُحَمّد بن عبد الرَّحْمَن بن سهم، جَمِيعًا عَن الْوَلِيد- قَالَ ابْن مهْرَان: ثَنَا الْوَلِيد بن مُسلم- ثَنَا الْأَوْزَاعِيّ، عَن أبي عمار شَدَّاد، أَنه سمع وَاثِلَة بن الْأَسْقَع يَقُول: سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: «إِن الله اصْطفى كنَانَة من ولد إِسْمَاعِيل، وَاصْطفى قُريْشًا من كنَانَة، وَاصْطفى من قُرَيْش بني هَاشم، وَاصْطَفَانِي من بني هَاشم».
أَبُو بكر بن أبي شيبَة: حَدثنَا يزِيد بن هَارُون، أبنا حَمَّاد بن سَلمَة، عَن عقيل بن طَلْحَة، عَن مُسلم بن هَيْصَم، عَن الْأَشْعَث بن قيس قَالَ: «أتيت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نفر من كِنْدَة لَا يرَوْنَ أَنِّي أفضل فَقُلْنَا: يَا رَسُول الله، إِنَّا نزعم أَنَّك منا. قَالَ: فَقَالَ: أَنا للنضر بن كنَانَة لن تنفوا منا، وَلنْ ننتفي من أَبينَا».
قَالَ: فَقَالَ الْأَشْعَث: لَا أسمع أحدا يَنْفِي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من النَّضر بن كنَانَة إِلَّا جلدته الْحَد.
مُسلم بن هَيْصَم روى عَنهُ عقيل بن طَلْحَة وَمُقَاتِل بن حَيَّان.

.بَاب قَول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بعثت من خير قُرُون بني آدم:

البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة بن سعيد، ثَنَا يَعْقُوب بن عبد الرَّحْمَن، عَن عَمْرو، عَن سعيد المَقْبُري، عَن أبي هُرَيْرَة، أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «بعثت من خير قُرُون بني آدم قرنا فقرنا حَتَّى كنت من الْقرن الَّذِي كنت مِنْهُ».

.بَاب قَول النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنا سيد ولد آدم:

مُسلم: حَدثنَا الحكم بن مُوسَى أَبُو صَالح، ثَنَا هِقْل بن زِيَاد، عَن الْأَوْزَاعِيّ، حَدثنَا أَبُو عمار، حَدثنِي عبد الله بن فروخ، حَدثنِي أَبُو هُرَيْرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنا سيد ولد آدم يَوْم الْقِيَامَة، وَأَنا أول من ينشق عَنهُ الْقَبْر، وَأَنا أول شَافِع وَأول مُشَفع».

.بَاب مِيلَاد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار الْعَبْدي، ثَنَا وهب بن جرير، ثَنَا أبي قَالَ: سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْحَاق يحدث عَن الْمطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمَة، عَن أَبِيه، عَن جده قَالَ: «ولدت أَنا وَرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَام الْفِيل».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من حَدِيث مُحَمَّد بن إِسْحَاق.
مُسلم: حَدثنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، ثَنَا مُحَمَّد بن جَعْفَر، ثَنَا شُعْبَة، عَن غيلَان بن جرير، سمع عبد الله بن معبد الزماني، عَن أبي قَتَادَة الْأنْصَارِيّ «أن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَن صَوْم يَوْم الِاثْنَيْنِ قَالَ: ذَاك يَوْم ولدت فِيهِ، وَيَوْم بعثت- أَو أنزل عَليّ فِيهِ».

.بَاب مَتى وَجَبت النُّبُوَّة للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا أَبُو همام الْوَلِيد بن شُجَاع بن الْوَلِيد الْبَغْدَادِيّ، حَدثنَا الْوَلِيد بن مُسلم، عَن الْأَوْزَاعِيّ، عَن يحيى بن أبي كثير، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: «قَالَ يَا رَسُول الله، مَتى وَجَبت لَك النُّبُوَّة؟ قَالَ: وآدَم بَين الرّوح والجسد».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب صَحِيح من حَدِيث أبي هُرَيْرَة، لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.

.بَاب ذكر آيَات النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومعجزاته وبدء نبوته:

مُسلم: حَدثنَا شَيبَان بن فروخ، ثَنَا حَمَّاد بن سَلمَة، ثَنَا ثَابت الْبنانِيّ، عَن أنس بن مَالك «أن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُ جِبْرِيل وَهُوَ يلْعَب مَعَ الغلمان، فَأَخذه فصرعه، فشق عَن قلبه، فاستخرج الْقلب، فاستخرج مِنْهُ علقَة، فَقَالَ: هَذَا حَظّ الشَّيْطَان مِنْك. ثمَّ غسله فِي طست من ذهب بِمَاء زَمْزَم ثمَّ لأمه حَتَّى أَعَادَهُ فِي مَكَانَهُ، وَجَاء الغلمان يسعون إِلَى أمه- يَعْنِي ظئره- فَقَالُوا: إِن مُحَمَّدًا قد قتل. فاستقبلوه وَهُوَ منتقع اللَّوْن. قَالَ أنس: وَقد كنت أرى أثر ذَلِك الْمخيط فِي صَدره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
النَّسَائِيّ: أخبرنَا سُلَيْمَان بن دَاوُد، عَن ابْن وهب، أَخْبرنِي عَمْرو بْن الْحَارِث، أَن عبد ربه بن سعيد حَدثهُ، أَن الْبنانِيّ- وَهُوَ ثَابت بن أسلم- حَدثهُ، عَن أنس بن مَالك «أن الصَّلَوَات فرضت بِمَكَّة وَأَن ملكَيْنِ أَتَيَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فذهبا بِهِ إِلَى زَمْزَم فشقا بَطْنه وَأَخْرَجَا حشوه فِي طست من ذهب، فغسلاه بِمَاء زَمْزَم ثمَّ كبسا جَوْفه حِكْمَة وإيمانا».
عبد ربه بن سعيد ثِقَة وَهُوَ أَخُو يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ.
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا الْفضل بن سهل أَبُو الْعَبَّاس الْأَعْرَج الْبَغْدَادِيّ، حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن غَزوَان أَبُو نوح، ثَنَا يُونُس بن أبي إِسْحَاق، عَن أبي بكر بْن أبي مُوسَى، عَن أَبِيه قَالَ: «خرج أَبُو طَالب إِلَى الشَّام وَخرج النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَشْيَاخ من قُرَيْش، فَلَمَّا أشرفوا على الراهب هَبَط فحلوا رحالهم فَخرج إِلَيْهِم الراهب، وَكَانُوا قبل ذَلِك يَمرونَ بِهِ فَلَا يخرج إِلَيْهِم وَلَا يلْتَفت. قَالَ: فهم يحلونَ رحالهم فَجعل يتخللهم الراهب حَتَّى جَاءَ فَأخذ بيد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: هَذَا سيد الْعَالمين، هَذَا رَسُول رب الْعَالمين، بَعثه الله رَحْمَة للْعَالمين. فَقَالَ لَهُ أَشْيَاخ من قُرَيْش: مَا علمك؟ فَقَالَ: إِنَّكُم حِين أشرفتم من الْعقبَة لم يبْق شجر وَلَا حجر إِلَّا خر سَاجِدا وَلَا يسجدان إِلَّا لنَبِيّ وإِنَّه أعرفهُ بِخَاتم النُّبُوَّة أَسْفَل من غضروف كتفه مثل التفاحة. ثمَّ رَجَعَ فَصنعَ لَهُم طَعَاما، فَلَمَّا أَتَاهُم بِهِ وَكَانَ هُوَ فِي رعية الْإِبِل قَالَ: أرْسلُوا إِلَيْهِ. فَأقبل وَعَلِيهِ غمامة تظله، فَلَمَّا دنا من الْقَوْم وجدهم قد سَبَقُوهُ إِلَى فَيْء الشَّجَرَة، فَلَمَّا جلس مَال فَيْء الشَّجَرَة عَلَيْهِ فَقَالَ: انْظُرُوا إِلَى فَيْء الشَّجَرَة مَال عَلَيْهِ. قَالَ: فَبَيْنَمَا هُوَ قَائِم عَلَيْهِم وَهُوَ يناشدهم إِلَّا يذهبوا بِهِ إِلَى الرّوم فَإِن الرّوم إِذا رَأَوْهُ عرفوه بِالصّفةِ فيقتلونه، فَالْتَفت فَإِذا بسبعة قد أَقبلُوا من الرّوم، فَاسْتَقْبَلَهُمْ فَقَالَ: مَا جَاءَ بكم؟ قَالَ: جِئْنَا أَن هَذَا النَّبِي خَارج فِي هَذَا الشَّهْر، فَلم يبْق طَرِيق إِلَّا بعث إِلَيْهِ بأناس، وَإِنَّا قد اخترنا خيرة بعثنَا إِلَى طريقك هَذَا. فَقَالَ: فَهَل خلفكم أحد هُوَ خير مِنْكُم؟ قَالُوا: إِنَّمَا اخترنا خيرة لطريقك هَذَا. قَالَ: أَفَرَأَيْتُم أمرا أَرَادَ الله أَن يَقْضِيه هَل يَسْتَطِيع أحد من النَّاس رده؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَبَايعُوهُ وَأَقَامُوا مَعَه. قَالَ: أنْشدكُمْ بِاللَّه أَيّكُم وليه؟ قَالُوا: أَبُو طَالب. فَلم يزل يناشده حَتَّى رده أَبُو طَالب وَبعث مَعَه أَبُو بكر بِلَالًا، وزوده الراهب من الكعك وَالزَّيْت».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لَا نعرفه إِلَّا من هَذَا الْوَجْه.
مُسلم: حَدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا يحيى بن أبي بكير، عَن إِبْرَاهِيم بْن طهْمَان، حَدثنِي سماك بن حَرْب، عَن جَابر بن سَمُرَة قَالَ: قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنِّي لأعرف حجرا بِمَكَّة كَانَ يسلم عَليّ قبل أَن أبْعث، إِنِّي لأعرفه الْآن».
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن بكير، ثَنَا اللَّيْث، عَن عقيل، عَن ابْن شهَاب.
وَحدثنَا عبد الله بن مُحَمَّد، ثَنَا عبد الرَّزَّاق، أبنا معمر، قَالَ الزُّهْرِيّ: فَأَخْبرنِي عُرْوَة بن الزبير، عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: «أول مَا بُدِئَ بِهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من الْوَحْي الرُّؤْيَا الصادقة فِي النّوم، فَكَانَ لَا يرى الرُّؤْيَا إِلَّا جَاءَت مثل فلق الصُّبْح، فَكَانَ يَأْتِي حراء فَيَتَحَنَّث فِيهِ- هُوَ التَّعَبُّد- اللَّيَالِي ذَوَات الْعدَد ويتزود لذَلِك، ثمَّ يرجع إِلَى خَدِيجَة فتزوده مثلهَا حَتَّى فجئه الْحق وَهُوَ فِي غَار حراء، فَجَاءَهُ الْملك فِيهِ فَقَالَ: اقْرَأ. فَقَالَ لَهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقلت: مَا أَنا بقارئ، فأخذني فغطني حَتَّى بلغ مني الْجهد، ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: اقْرَأ. فَقلت: مَا أَنا بقارئ، فأخذني فغطني الثَّانِيَة حَتَّى بلغ مني الْجهد ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: اقْرَأ. قلت: مَا أَنا بقارئ فغطني الثَّالِثَة حَتَّى بلغ مني الْجهد ثمَّ أَرْسلنِي فَقَالَ: {اقْرَأ باسم رَبك الَّذِي خلق خلق الْإِنْسَان من علق} حَتَّى بلغ: {مَا لم يعلم} فَرجع بهَا ترجف بوادره حَتَّى دخل على خَدِيجَة فَقَالَ: زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي. فزملوه حَتَّى ذهب عَنهُ الروع فَقَالَ: يَا خَدِيجَة مَا لي؟ وَأخْبرنَا الْخَبَر وَقَالَ: قد خشيت عَليّ فَقَالَت لَهُ: كلا أبشر فوَاللَّه لَا يخزيك الله أبدا؛ إِنَّك لتصل الرَّحِم، وَتصدق الحَدِيث، وَتحمل الْكل، وتقري الضَّيْف، وَتعين على نَوَائِب الْحق. ثمَّ انْطَلَقت بِهِ خَدِيجَة حَتَّى أَتَت بِهِ ورقة بن نَوْفَل بن أَسد بن عبد الْعُزَّى بن قصي وَهُوَ ابْن عَم خَدِيجَة أَخُو أَبِيهَا وَكَانَ امْرأ تنصر فِي الْجَاهِلِيَّة وَكَانَ يكْتب الْكتاب الْعَرَبِيّ فَيكْتب بِالْعَرَبِيَّةِ من الْإِنْجِيل مَا شَاءَ الله أَن يكْتب، وَكَانَ شَيخا كَبِيرا قد عمي، فَقَالَت لَهُ خَدِيجَة: أَي ابْن عَم، اسْمَع من ابْن أَخِيك. فَقَالَ لَهُ ورقة: ابْن أخي مَا ترى؟ فَأخْبرهُ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا رأى. فَقَالَ ورقة: هَذَا الناموس الَّذِي أنزل على مُوسَى، يَا لَيْتَني فِيهَا جذعا أكون حَيا حِين يخْرجك قَوْمك. فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَو مخرجي هم؟ فَقَالَ ورقة: نعم، لم يَأْتِ رجل قطّ بِمَا جِئْت إِلَّا عودي، وَإِن يدركني يَوْمك أنصرك نصرا مؤزرا. ثمَّ لم ينشب ورقة أَن توفّي، وفتر الْوَحْي فَتْرَة حزن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بلغنَا حزنا غَدا مِنْهُ مرَارًا كي يتردى من رُءُوس شَوَاهِق الْجبَال، فَكلما أوفى بِذرْوَةِ جبل لكَي يلقِي نَفسه مِنْهُ تبدى لَهُ جِبْرِيل فَقَالَ: يَا مُحَمَّد، إِنَّك رَسُول الله حَقًا فيسكن لذَلِك، فَيرجع، فَإِذا طَالَتْ عَلَيْهِ فَتْرَة الْوَحْي غَدا لمثل ذَلِك، فَإِذا أوفى بِذرْوَةِ جبل تبدى لَهُ جِبْرِيل فَقَالَ لَهُ مثل ذَلِك».
مُسلم: حَدثنِي أَبُو الرّبيع سُلَيْمَان بن دَاوُد الْعَتكِي، ثَنَا حَمَّاد- يَعْنِي ابْن زيد- حَدثنَا ثَابت، عَن أنس «أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا بِمَاء فَأتي بقدح رحراح، فَجعل الْقَوْم يَتَوَضَّئُونَ، فحزرت مَا بَين السِّتين إِلَى الثَّمَانِينَ. قَالَ: فَجعلت أنظر إِلَى المَاء يَنْبع من بَين أَصَابِعه».
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو غَسَّان المسمعي، ثَنَا معَاذ- يَعْنِي ابْن هِشَام- حَدثنِي أبي، عَن قَتَادَة، عَن أنس «أن نَبِي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه بالزوراء. قَالَ: والزوراء بِالْمَدِينَةِ عِنْد السُّوق وَالْمَسْجِد فِيهَا دَعَا بقدح فِيهِ مَاء، فَوضع كَفه فِيهِ، فَجعل يَنْبع من بَين أَصَابِعه، فَتَوَضَّأ جَمِيع أَصْحَابه. قلت: كم كَانُوا يَا أَبَا حَمْزَة؟ قَالَ: كَانُوا زهاء الثلاثمائة».
قَالَ أَبُو عمر بن عبد الْبر: حَدثنَا عبد الْوَارِث بن سُفْيَان، عَن قَاسم بن أصبغ، ثَنَا جَعْفَر بن مُحَمَّد الصَّائِغ، ثَنَا عَفَّان، حَدثنَا حَمَّاد بن سَلمَة، ثَنَا ثَابت، عَن أنس قَالَ: «حضرت الصَّلَاة فَقَامَ جيران الْمَسْجِد يَتَوَضَّئُونَ وَبَقِي مَا بَين السّبْعين إِلَى الثَّمَانِينَ، وَكَانَت مَنَازِلهمْ بعيدَة فَدَعَا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمخضب فِيهَا مَاء، مَا هُوَ بملآن، فَوضع أَصَابِعه فِيهِ، وَجعل يصب عَلَيْهِم وَيَقُول: توضئوا. حَتَّى توضئوا كلهم وَبَقِي فِي المخضب نَحْو مِمَّا كَانَ فِيهِ، وَهُوَ نَحْو من السّبْعين إِلَى الثَّمَانِينَ».
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُوسَى بن إِسْمَاعِيل، حَدثنَا عبد الْعَزِيز بن مُسلم، ثَنَا حُصَيْن- هُوَ ابْن عبد الرَّحْمَن- عَن سَالم بن أبي الْجَعْد، عَن جَابر بن عبد الله قَالَ: «عَطش النَّاس يَوْم الْحُدَيْبِيَة وَالنَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَين يَدَيْهِ ركوة فَتَوَضَّأ، جهش النَّاس نَحوه، قَالَ: مَا لكم؟ قَالُوا: لَيْسَ عندنَا مَاء نَتَوَضَّأ، وَلَا نشرب إِلَّا مَا بَين يَديك، فَوضع يَده فِي الركوة فَجعل المَاء يثور بَين أَصَابِعه كأمثال الْعُيُون، فشربنا وتوضأنا. قلت: كم كُنْتُم؟ قَالَ: لَو كُنَّا مائَة ألف لَكَفَانَا، كُنَّا خمس عشر مائَة».
البُخَارِيّ: حَدثنَا قُتَيْبَة، ثَنَا جرير، عَن الْأَعْمَش، حَدثنِي سَالم بن أبي الْجَعْد، عَن جَابر بن عبد الله فِي هَذَا الحَدِيث قَالَ: «قد رَأَيْتنِي مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقد حضرت الْعَصْر، وَلَيْسَ مَعنا مَاء غير فضلَة فَجعل فِي إِنَاء، فَأتي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ فَأدْخل يَده فِيهِ وَفرج أَصَابِعه ثمَّ قَالَ: حَيّ على أهل الْوضُوء الْبركَة من الله. فَلَقَد رَأَيْت المَاء يتفجر من بَين أَصَابِعه، فَتَوَضَّأ النَّاس وَشَرِبُوا لَا آلو مَا فَجعلت فِي بَطْني مِنْهُ، فَعلمت أَنه بركَة. قلت لجَابِر: كم كُنْتُم يَوْمئِذٍ؟ قَالَ: ألف وَأَرْبَعمِائَة».
تَابعه عَمْرو بن دِينَار عَن جَابر.
وَقَالَ حُصَيْن وَعَمْرو بن مرّة، عَن سَالم، عَن جَابر: «خمس عشرَة مائَة» وَتَابعه سعيد بن الْمسيب عَن جَابر.
البُخَارِيّ: حَدثنِي فضل بن يَعْقُوب، ثَنَا الْحسن بن مُحَمَّد بن أعين أَبُو عَليّ الْحَرَّانِي، ثَنَا زُهَيْر، ثَنَا أَبُو إِسْحَاق، أَنبأَنَا الْبَراء بن عَازِب «أنهم كَانُوا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْم الْحُدَيْبِيَة ألف وَأَرْبَعمِائَة، أَو أَكثر، فنزلوا على بِئْر فنزحوها، فَأتى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبِئْر وَقعد على شفيرها ثمَّ قَالَ: ائْتُونِي بِدَلْو من مَائِهَا، فَأتي بِهِ فبسق فَدَعَا ثمَّ قَالَ: دَعُوهَا سَاعَة. فأرووا أنفسهم وركابهم حَتَّى ارتحلوا».
البُخَارِيّ: حَدثنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء قَالَ: «تَعدونَ أَنْتُم الْفَتْح فتح مَكَّة وَقد كَانَ فتح مَكَّة فتحا، ونَحن نعد الْفَتْح بيعَة الرضْوَان يَوْم الْحُدَيْبِيَة، كُنَّا مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَربع عشرَة مائَة، وَالْحُدَيْبِيَة بِئْر فنزحناها فَلم نَتْرُك فِيهَا قَطْرَة، فَبلغ ذَلِك النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَاهَا فَجَلَسَ على شفيرها ثمَّ دَعَا بِإِنَاء من مَاء فَتَوَضَّأ ثمَّ مضمض ودعا، ثمَّ صبه فِيهَا فتركناها غير بعيد، ثمَّ إِنَّهَا أصدرتنا مَا شِئْنَا نَحن وركابنا».
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا يزِيد بن هَارُون، ثَنَا سُلَيْمَان التَّيْمِيّ، عَن أبي الْعَلَاء، عَن سَمُرَة بن جُنْدُب قَالَ: «كُنَّا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نتداول فِي قَصْعَة من غدْوَة حَتَّى اللَّيْل يقوم عشرَة وَيقْعد عشرَة. قُلْنَا: فَمَا كَانَت تمد؟ قَالَ: من أَي شَيْء تعجب؟ مَا كَانَت تمد إِلَّا من هَاهُنَا. وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى السَّمَاء».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
أَبُو الْعَلَاء اسْمه يزِيد بن عبد الله بن الشخير.
مُسلم: أَبُو بكر بن أبي شيبَة، حَدثنَا عبد الله بن نمير.
وَحدثنَا ابْن نمير- وَاللَّفْظ لَهُ- ثَنَا أبي، أبنا سعد بن سعيد، حَدثنِي أنس بن مَالك قَالَ: «بَعَثَنِي أَبُو طَلْحَة إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأدعوه وَقد جعل طَعَاما. قَالَ: فَأَقْبَلت وَرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ النَّاس، فَنظر إِلَيّ فَاسْتَحْيَيْت، فَقلت: أجب أَبَا طَلْحَة. فَقَالَ للنَّاس: قومُوا: فَقَالَ أَبُو طَلْحَة: يَا رَسُول الله، إِنَّمَا صنعت لَك شَيْئا. قَالَ: فمسها رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعا فِيهَا بِالْبركَةِ ثمَّ قَالَ: أَدخل نَفرا من أَصْحَابِي عشرَة وَقَالَ: كلوا. وَأخرج لَهُم شَيْئا من بَين أَصَابِعه فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا فَخَرجُوا، فَقَالَ أَدخل عشرَة. فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا، فَخَرجُوا فَمَا زَالَ يدْخل عشرَة وَيخرج عشرَة حَتَّى لم يبْق مِنْهُم أحد إِلَّا دخل فَأكل حَتَّى شبع ثمَّ هيأها، فَإِذا هِيَ مثلهَا حِين أكلُوا مِنْهَا».
وَحدثنَا سعيد بن يحيى الْأمَوِي، حَدثنَا أبي، ثَنَا سعد بن سعيد، سَمِعت أنس بن مَالك قَالَ: «بَعَثَنِي أَبُو طَلْحَة إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ...» وسَاق الحَدِيث نَحْو حَدِيث ابْن نمير، غير أَنه قَالَ فِي آخِره: «ثمَّ أَخذ مَا بَقِي فَجَمعه ثمَّ دَعَا فِيهِ بِالْبركَةِ، قَالَ: فَعَاد كَمَا كَانَ، فَقَالَ: دونكم هَذَا».
قَالَ مُسلم: وحَدثني عَمْرو النَّاقِد، ثَنَا عبد الله بن جَعْفَر الرقي، ثَنَا عبيد الله بن عَمْرو، عَن عبد الْملك بن عُمَيْر، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن أنس بن مَالك قَالَ: «أَمر أَبُو طَلْحَة أم سليم أَن تصنع للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَعَاما لنَفسِهِ خَاصَّة ثمَّ أَرْسلنِي إِلَيْهِ» وسَاق الحَدِيث وَقَالَ فِيهِ: «فَوضع النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَده وسمى عَلَيْهِ ثمَّ قَالَ: ائْذَنْ لعشرة. فَأذن لَهُم فَدَخَلُوا فَقَالَ: كلوا وَسموا الله. فَأَكَلُوا حَتَّى فعل ذَلِك بِثَمَانِينَ رجلا ثمَّ أكل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد ذَلِك وَأهل الْبَيْت وَتركُوا سؤرا».
وَفِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: «يَا رَسُول الله، إِنَّمَا كَانَ شَيْئا يَسِيرا. قَالَ: هلمه فَإِن الله سَيجْعَلُ فِيهِ بركَة».
وَفِي حَدِيث آخر: «وَأكل أهل الْبَيْت وأفضلوا مَا بلغُوا جيرانهم» وكلا الْحَدِيثين رَوَاهُمَا مُسلم- رَحمَه الله.
مُسلم: حَدثنِي حجاج بن الشَّاعِر، حَدثنِي الضَّحَّاك بن مخلد- من رقْعَة عَارض لي بهَا ثمَّ قَرَأَهُ عَليّ- قَالَ: أخبرنَا حَنْظَلَة بن أبي سُفْيَان، ثَنَا سعيد بن ميناء، سَمِعت جَابر بن عبد الله يَقُول: «لما حفر الخَنْدَق رَأَيْت برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خمصا فَانْكَفَأت إِلَى امْرَأَتي فَقلت لَهَا: هَل عنْدك شَيْء فَإِنِّي رَأَيْت برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خمصا شَدِيدا؛ فأخرجت لي جرابا فِيهِ صَاع من شعير، وَلنَا بَهِيمَة دَاجِن قَالَ: فذبحتها وطحنت، ففرغت إِلَى فراغي، فقطعتها فِي برمتها ثمَّ وليت إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَت: لَا تفضحني برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمن مَعَه. قَالَ: فَجِئْته فساررته فَقلت: يَا رَسُول الله، إِنَّا قد ذبحنا بَهِيمَة لنا وطحنت صَاعا من شعير كَانَ عندنَا فتعال أَنْت فِي نفر مَعَك، فصاح رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ: يَا أهل الخَنْدَق، إِن جَابِرا قد صنع لكم سؤرا فحي هلا بكم. وَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تنزلن برمتكم وَلَا تخبزن عجينتكم حَتَّى أجيء. فَجئْت وَجَاء رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتقدم النَّاس حَتَّى جِئْت امْرَأَتي، فَقَالَت: بك وَبِك. قلت: قد فعلت الَّذِي قلت لي، فأخرجت لَهُ عجينتنا فبسق فِيهَا وَبَارك، ثمَّ عمد إِلَى برمتنا فبسق فِيهَا وَبَارك، وَقَالَ: ادعِي خابزة فلتخبز مَعَك، واقدحي من برمتكم، وَلَا تنزلوها، وهم ألف، فأقسم بِاللَّه لأكلوا حَتَّى تَرَكُوهُ وانحرفوا، وَإِن برمتنا لتغط كَمَا هِيَ وَإِن عجينتنا- أَو كَمَا قَالَ الضَّحَّاك- لتخبز كَمَا هِيَ».
للْبُخَارِيّ: فِي بعض أَلْفَاظ هَذَا الحَدِيث: «قَالَ جَابر: قُم يَا رَسُول الله وَرجل أَو رجلَانِ. قَالَ: كم هُوَ؟ فَذكرت لَهُ، قَالَ: كثير طيب».
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا عبد الله بن عبد الرَّحْمَن الدَّارمِيّ، ثَنَا أَبُو عَليّ الْحَنَفِيّ، حَدثنَا مَالك- هُوَ ابْن أنس- عَن أبي الزبير الْمَكِّيّ، أَن أَبَا الطُّفَيْل عَامر بن وَاثِلَة أخبرهُ، أَن معَاذ بن جبل أخبرهُ قَالَ: «خرجنَا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَام غَزْوَة تَبُوك فَكَانَ يجمع الصَّلَاة يُصَلِّي الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا وَالْمغْرب وَالْعشَاء جَمِيعًا، حَتَّى إِذا كَانَ يَوْمًا أخر الصَّلَاة ثمَّ خرج فصلى الظّهْر وَالْعصر جَمِيعًا، ثمَّ دخل ثمَّ خرج بعد ذَلِك فصلى الْمغرب وَالْعشَاء جَمِيعًا، ثمَّ قَالَ: إِنَّكُم ستأتون غَدا إِن شَاءَ الله عين تَبُوك، وَإِنَّكُمْ لن تأتوها حَتَّى يضحى النَّهَار، فَمن جاءها مِنْكُم فَلَا يمس من مَائِهَا شَيْئا حَتَّى آتِي. فَجِئْنَاهَا وَقد سبقنَا إِلَيْهَا رجلَانِ، وَالْعين مثل الشرَاك تبض بِشَيْء من مَاء، قَالَ: فَسَأَلَهُمَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَل مسستما من مَائِهَا شَيْئا؟ قَالَا: نعم. فسبهما رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَالَ لَهما مَا شَاءَ الله أَن يَقُول. قَالَ. قَالَ: ثمَّ غرفوا بِأَيْدِيهِم من الْعين قَلِيلا قَلِيلا حَتَّى اجْتمع فِي شَيْء. قَالَ: وَغسل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهِ يَدَيْهِ وَوَجهه ثمَّ أَعَادَهُ فِيهَا فجرت الْعين بِمَاء منهمر- أَو قَالَ: غزير. شكّ أَبُو عَليّ أَيهمَا قَالَ- فاستقى النَّاس ثمَّ قَالَ: يُوشك يَا معَاذ إِن طَالَتْ بك حَيَاة أَن ترى مَا هَاهُنَا قد ملئ جنَانًا».
قَالَ مُسلم: وحَدثني أَحْمد بن سعيد بن صَخْر الدِّرَامِي، ثَنَا عبيد الله بْن عبد الْمجِيد، حَدثنَا سلم بن زرير العطاردي قَالَ: سَمِعت أَبَا رَجَاء العطاردي، عَن عمرَان بن حُصَيْن قَالَ: «كنت مَعَ نَبِي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مسير لَهُ فأدلجنا ليلتنا حَتَّى إِذا كُنَّا فِي وَجه الصُّبْح عرسنا فغلبتنا أَعيننَا حَتَّى بزغت الشَّمْس. قَالَ: فَكَانَ أول من اسْتَيْقَظَ منا أَبُو بكر، وَكُنَّا لَا نوقظ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من مَنَامه إِذا نَام حَتَّى يَسْتَيْقِظ، ثمَّ اسْتَيْقَظَ عمر فَقَامَ عِنْد نَبِي الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجعل يكبر وَيرْفَع صَوته، حَتَّى اسْتَيْقَظَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا رفع رَأسه وَرَأى الشَّمْس قد بزغت فَقَالَ: ارتحلوا. فَسَار بِنَا حَتَّى إِذا ابْيَضَّتْ الشَّمْس نزل فصلى بِنَا الْغَدَاة، فاعتزل رجل من الْقَوْم وَلم يُصَلِّي مَعنا، فَلَمَّا انْصَرف قَالَ لَهُ رَسُول الله: يَا فلَان، مَا مَنعك أَن تصلي مَعنا؟ قَالَ: يَا نَبِي الله، أصابتني جَنَابَة. فَأمره رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَيَمم بالصعيد فصلى، ثمَّ عجلني فِي ركب بَين يَدَيْهِ يطْلب المَاء وَقد عطشنا عطشا شَدِيدا فَبَيْنَمَا نَحن نسير إِذْ نَحن بِامْرَأَة سادلة رِجْلَيْهَا بَين مزادتين، فَقُلْنَا لَهَا: أَيْن المَاء؟ قَالَت: أيهاه أيهاه لَا مَاء لكم. فَقُلْنَا: كم بَين أهلك وَبَين المَاء؟ قَالَت: مسيرَة يَوْم وَلَيْلَة. قُلْنَا: انطلقي إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: وَمَا رَسُول الله؟ فَلم نملكها من أمرهَا شَيْئا حَتَّى انطلقنا بهَا إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَسَأَلَهَا فَأَخْبَرته بِمثل الَّذِي أخبرتنا، وأخبرته أَنَّهَا موتمة لَهَا صبيان أَيْتَام، فَأمر بروايتها فأنيخت، فمج فِي العزلاوين العلياوين، ثمَّ بعث براويتها فشربنا وَنحن أَرْبَعُونَ رجلا عطاشا حَتَّى روينَا، وملأنا كل قربَة مَعنا وإداوة وغسلنا صاحبنا غير أَنا لم نسق بَعِيرًا، وَهِي تكَاد تنضرج من المَاء- يَعْنِي المزادتين- ثمَّ قَالَ: هاتوا مَا كَانَ عنْدكُمْ. فجمعنا لَهَا من كسر وتمر وصر لَهَا صرة فَقَالَ لَهَا: اذهبي فأطعمي هَذَا عِيَالك واعلمي أَنا لم نرزأ من مائك. فَلَمَّا أَتَت أَهلهَا قَالَت: لقد لقِيت أَسحر الْبشر، أَو إِنَّه لنَبِيّ كَمَا زعم، كَانَ من أمره ذيت وذيت. فهدى الله ذَلِك الصرم بِتِلْكَ الْمَرْأَة، فَأسْلمت وَأَسْلمُوا».
قَالَ مُسلم: وَحدثنَا أَبُو بكر بن أبي شيبَة، ثَنَا شَبابَة بن سوار، ثَنَا سُلَيْمَان بْن الْمُغيرَة، عَن ثَابت، عَن عبد الرَّحْمَن بن أبي ليلى، عَن الْمِقْدَاد قَالَ: «أَقبلت أَنا وصاحبان لي وَقد ذهب أسماعنا وأبصارنا من الْجهد، فَجعلنَا نعرض أَنْفُسنَا على أَصْحَاب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَيْسَ أحد مِنْهُم يقبلنا، فأتينا النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْطَلق بِنَا إِلَى أَهله فَإِذا ثَلَاثَة أعنز، فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: احتلبوا هَذَا اللَّبن بَيْننَا. قَالَ: فَكُنَّا نحتلب فيشرب كل إِنْسَان منا نصِيبه، ونرفع للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصِيبه. قَالَ: فَيَجِيء من اللَّيْل فَيسلم تَسْلِيمًا لَا يوقظ نَائِما وَيسمع الْيَقظَان. قَالَ: ثمَّ يَأْتِي الْمَسْجِد، فَيصَلي ثمَّ يَأْتِي شرابه فيشرب، فَأَتَانِي الشَّيْطَان ذَات لَيْلَة وَقد شربت نَصِيبي، فَقَالَ: مُحَمَّد يَأْتِي الْأَنْصَار فيتحفونه ويصيب عِنْدهم، مَا بِهِ حَاجَة إِلَى هَذِه الجرعة، فأتيتها فشربتها، فَلَمَّا وغلت فِي بَطْني، وَعلمت أَن لَيْسَ إِلَيْهَا سَبِيل قَالَ: ندمني الشَّيْطَان فَقَالَ: وَيحك مَا صنعت أشربت شراب مُحَمَّد فَيَجِيء فَلَا يجده فيدعو عَلَيْك، فتهلك فتذهب دنياك وآخرتك. وَعلي شملة إِذا وَضَعتهَا على قدمي خرج رَأْسِي، وَإِذا وَضَعتهَا على رَأْسِي خرج قَدَمَايَ، وَجعل لَا يجيئني النّوم، وَأما صَاحِبَايَ فَنَامَا وَلم يصنعا مَا صنعت، فَلَمَّا جَاءَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسلم كَمَا كَانَ يسلم، ثمَّ أَتَى الْمَسْجِد فصلى ثمَّ أَتَى شرابه فكشف عَنهُ فَلم يجد فِيهِ شَيْئا، فَرفع رَأسه إِلَى السَّمَاء فَقلت: الْآن يَدْعُو عَليّ فَأهْلك، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أطْعم من أَطْعمنِي واسق من سقاني. قَالَ: فعمدت إِلَى الشملة فشددتها عَليّ وَأخذت الشَّفْرَة فَانْطَلَقت إِلَى الأعنز أَيهَا أسمن فأذبحها لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَإِذا هِيَ حافل وَإِذا هن حفل كُلهنَّ، فعمدت إِلَى إِنَاء لآل مُحَمَّد مَا كَانُوا يطمعون أَن يحتلبوا فِيهِ. قَالَ: فحلبت فِيهِ حَتَّى علته رغوة، فَجئْت إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: أشربتم شرابكم البارحة؟ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله، اشرب. فَشرب ثمَّ ناولني فَقلت: يَا رَسُول الله، اشرب. فَشرب ثمَّ ناولني، فَلَمَّا عرفت أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد رُوِيَ وأصابني دَعوته ضحِكت فَقَالَ لي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِحْدَى سوءاتك يَا مقداد. فَقلت: يَا رَسُول الله، كَانَ من أَمْرِي كَذَا وَكَذَا، وَفعلت كَذَا. فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا هَذِه إِلَّا رَحْمَة من الله، أَفلا آذنتني فنوقظ صاحبينا فيصيبان مِنْهَا؟ قَالَ: فَقلت: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ مَا أُبَالِي إِذْ أصبتها وأصبتها مَعَك من أَصَابَهَا من النَّاس».
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن الْمثنى، عَن حَدِيث عبد الْوَهَّاب، ثَنَا عبيد الله، عَن وهب بن كيسَان، عَن جَابر قَالَ: «توفّي أبي وَعَلِيهِ دين فعرضت على غُرَمَائه أَن يَأْخُذُوا الثَّمَرَة بِمَا عَلَيْهِ، فَأَبَوا وَلم يرو أَن فِيهِ وَفَاء، فَأتيت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذكرت ذَلِك لَهُ. قَالَ: إِذا جددته فَوَضَعته فِي المربد فَآذِنِّي. فَلَمَّا جددته فَوَضَعته فِي المربد أتيت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فجَاء وَمَعَهُ أَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان فَجَلَسَ عَلَيْهِ ودعا بِالْبركَةِ ثمَّ قَالَ: ادْع غرماءك فأوفهم. قَالَ: فَمَا تركت أحدا لَهُ على أبي دين إِلَّا قَضيته وَفضل لي ثَلَاثَة عشر وسْقا فَذكرت ذَلِك لَهُ فَضَحِك وَقَالَ: ائْتِ أَبَا بكر وَعمر فَأَخْبرهُمَا ذَلِك، فَأتيت أَبَا بكر وَعمر فأخبرتهما فَقَالَا: قد علمنَا إِذْ صنع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا صنع أَنه سَيكون ذَلِك».
فِي حَدِيث آخر: «أنه عَلَيْهِ السَّلَام أَتَى هُوَ وَأَبُو بكر» فَذكر الحَدِيث قَالَ: «ثمَّ أتيتهم برطب وَمَاء فَأَكَلُوا وَشَرِبُوا ثمَّ قَالَ: هَذَا من النَّعيم الَّذِي تسْأَلُون عَنهُ».
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا عمرَان بن مُوسَى الْقَزاز، ثَنَا حَمَّاد بن زيد، ثَنَا المُهَاجر، عَن أبي الْعَالِيَة الريَاحي، عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: «أتيت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بتمرات فَقلت: يَا رَسُول الله، ادْع الله فِيهِنَّ بِالْبركَةِ، فَضَمَّهُنَّ ثمَّ دَعَا لي فِيهِنَّ بِالْبركَةِ فَقَالَ: خذهن فاجعلهن فِي مزودك هَذَا- أَو فِي هَذَا المزود- كلما أردْت أَن تَأْخُذ مِنْهُ شَيْئا فَأدْخل فِيهِ يدك فَخذه وَلَا تنشره نشرا. فقد حملت من ذَلِك المزود كَذَا وَكَذَا من وسق فِي سَبِيل الله، وَكَانَ يَأْكُل مِنْهُ وَيطْعم مِنْهُ، وَكَانَ لَا يُفَارق حقوي حَتَّى كَانَ يَوْم قتل عُثْمَان فَإِنَّهُ انْقَطع».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب من هَذَا الْوَجْه، وَقد رُوِيَ هَذَا الحَدِيث من غير هَذَا الْوَجْه عَن أبي هُرَيْرَة.
مُسلم: حَدثنِي سَلمَة بن شبيب، ثَنَا الْحسن بن أعين، ثَنَا معقل، عَن أبي الزبير، عَن جَابر «أن أم مَالك كَانَت تهدي للنَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عكة لَهَا سمنا، فيأتيها بنوها فَيسْأَلُونَ الْأدم وَلَيْسَ عِنْدهم شَيْء فتعمد إِلَى الَّذِي كَانَت تهدي فِيهِ للنَّبِي فتجد فِيهِ سمنا، فَمَا زَالَ يُقيم لَهَا أَدَم بَيتهَا حَتَّى عصرته، فَأَتَت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: عصرتيها؟ قَالَت: نعم. قَالَ: لَو تركتيها مَا زَالَ قَائِما».
النَّسَائِيّ: أخبرنَا مُحَمَّد بن رَافع، ثَنَا مُحَمَّد بن عبد الله الرقاشِي، حَدثنِي رَافع بن سَلمَة بن زِيَاد، حَدثنِي عبد الله بن أبي الْجَعْد، عَن جعيل الْأَشْجَعِيّ قَالَ: «غزوت مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بعض غَزَوَاته وَأَنا على فرس لي عجفاء ضَعِيفَة، فلحقني رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: سر يَا صَاحب الْفرس. قلت: يَا رَسُول الله، عجفاء ضَعِيفَة، فَرفع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مخفقة كَانَت مَعَه فضربها وَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارك لَهُ فِيهَا. قَالَ: فَلَقَد رَأَيْتنِي مَا أملك رَأسهَا أَن تقدم النَّاس. قَالَ: وَلَقَد بِعْت من بَطنهَا بِاثْنَيْ عشر ألفا».
التِّرْمِذِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار، ثَنَا أَبُو أَحْمد الزبيرِي، أبنا إِسْرَائِيل، عَن مَنْصُور، عَن إِبْرَاهِيم، عَن عَلْقَمَة، عَن عبد الله قَالَ: «إِنَّكُم تَعدونَ الْآيَات عذَابا وَإِنَّا كُنَّا نعدها على عهد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بركَة، لقد كُنَّا نَأْكُل الطَّعَام مَعَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنحن نسْمع تَسْبِيح الطَّعَام. قَالَ: وَأتي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِنَاء فَوضع يَده فَجعل المَاء يَنْبع من بَين أَصَابِعه، فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: حَيّ على الْوضُوء الْمُبَارك وَالْبركَة من السَّمَاء. حَتَّى توضأنا كلنا».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
قَالَ: وَحدثنَا مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل، ثَنَا مُحَمَّد بن سعيد، ثَنَا شريك، عَن سماك، عَن أبي ظبْيَان، عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: «جَاءَ أَعْرَابِي إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: بِمَ أعرف أَنَّك نَبِي؟ قَالَ: إِن دَعَوْت هَذَا العذق من هَذِه النَّخْلَة تشهد أَنِّي رَسُول الله؟ فَدَعَاهُ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجعل ينزل من النَّخْلَة حَتَّى سقط إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ارْجع. فَعَاد فَأسلم الْأَعرَابِي».
قَالَ أَبُو عِيسَى: هَذَا حَدِيث حسن صَحِيح.
الْبَزَّار: حَدثنَا مُحَمَّد بن معمر، ثَنَا مُسلم، ثَنَا الْقَاسِم بن الْفضل، عَن أبي نَضرة، عَن أبي سعيد قَالَ: «بَيْنَمَا رَاع يرْعَى غنما إِذْ جَاءَ الذِّئْب فأقعى فَأخذ مِنْهَا شَاة، فجَاء الرَّاعِي فحال بَينه وَبَين الشَّاة. فأقعى الذِّئْب على ذَنبه قَالَ: يَا راعي، أَلا تتقي الله، تحول بيني وَبَين رزق رَزَقَنِي الله؟ فَقَالَ الرَّاعِي: يَا عجبا لذئب مقع على ذَنبه يتَكَلَّم بِكَلَام الْإِنْس! فَقَالَ الذِّئْب: أَلا أحَدثك بِأَعْجَب من ذَلِك؟ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحرَّةِ يحدث النَّاس بأنباء مَا قد سبق، فساق الرَّاعِي غنمه حَتَّى أَتَى الْمَدِينَة فزواها نَاحيَة، ثمَّ أَتَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فحدثه، فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: صدقت. ثمَّ قَالَ: إِن من أَشْرَاط السَّاعَة حَتَّى تكلم السبَاع الْإِنْس، وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَا تقوم السَّاعَة حَتَّى يكلم الرجل عذبة سَوْطه وشراك نَعله، وَتُخْبِرهُ فَخذه بِمَا أحدث أَهله بعده».
قَالَ: وَهَذَا الحَدِيث لَا نعلم رَوَاهُ عَن أبي نَضرة عَن أبي سعيد إِلَّا الْقَاسِم بن الْفضل، وَالقَاسِم بَصرِي مَشْهُور.
البُخَارِيّ: حَدثنَا يحيى بن سُلَيْمَان، حَدثنِي ابْن وهب قَالَ: حَدثنِي عمر، أَن سالما حَدثهُ، عَن عبد الله بن عمر قَالَ: «مَا سَمِعت عمر لشَيْء يَقُول قطّ: إِنِّي لأظنه كَذَا، إِلَّا كَانَ كَمَا يظنّ. قَالَ: بَيْنَمَا عمر جَالس إِذْ مر بِهِ رجل فَقَالَ: لقد أَخطَأ ظَنِّي، أَو أَن هَذَا على دينه فِي الْجَاهِلِيَّة، ولقد كَانَ كاهنهم، عَليّ الرجل. فدعي لَهُ فَقَالَ لَهُ ذَلِك، فَقَالَ: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ اسْتقْبل بِهِ رجلا مُسلما. قَالَ: فَإِنِّي أعزم عَلَيْك لما أَخْبَرتنِي. قَالَ: كنت كاهنهم فِي الْجَاهِلِيَّة. قَالَ: فَمَا أعجب مَا جاءتك بِهِ جنيتك؟ قَالَ: بَيْنَمَا أَنا يَوْمًا فِي السُّوق جَاءَتْنِي أعرف فِيهَا الْفَزع قَالَت: ألم تَرَ الْجِنّ وإبلاسها ويأسها من بعد إنساكها ولحوقها بالقلاص وأحلاسها قَالَ عمر: صدق، بَيْنَمَا أَنا نَائِم عِنْد آلِهَتهم إِذْ جَاءَ رجل بعجل فذبحه، فَصَرَخَ بِهِ صارخ، لم أسمع قطّ صَارِخًا أَشد صَوتا مِنْهُ يَقُول: يَا جليح، أَمر نجيح، رجل فصيح يَقُول لَا إِلَه إِلَّا الله.
فَوَثَبَ الْقَوْم. قلت: لَا أَبْرَح حَتَّى أعلم مَا وَرَاء هَذَا ثمَّ نَادَى: يَا جليح، أَمر نجيح، رجل فصيح لَا إِلَه إِلَّا الله.
فَقُمْت فَمَا نشبنا أَن قيل: هَذَا نَبِي»
.
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَبُو نعيم، حَدثنَا عبد الْوَاحِد بن أَيمن، سَمِعت أبي، عَن جَابر بن عبد الله «أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يقوم يَوْم الْجُمُعَة إِلَى شَجَرَة- أَو نَخْلَة- فَقَالَت امْرَأَة من الْأَنْصَار- أَو رجل من الْأَنْصَار-: يَا رَسُول الله، أَلا نجْعَل لَك منبرا؟ قَالَ: إِن شِئْتُم. فَجعلُوا لَهُ منبرا، فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة دفع إِلَى الْمِنْبَر، فصاحت النَّخْلَة صياح الصَّبِي، ثمَّ نزل النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضمّهَا تَئِنُّ أَنِين الصَّبِي الَّذِي يسكن. قَالَ: كَانَت تبْكي على مَا كَانَت تسمع من الذّكر عِنْدهَا».
رَوَاهُ أَبُو بكر بن أبي شيبَة قَالَ: حَدثنَا وَكِيع، عَن عبد الْوَاحِد بن أَيمن، عَن أَبِيه، عَن جَابر قَالَ: «كَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخْطب إِلَى جذع نَخْلَة فَقَالَت لَهُ امْرَأَة من الْأَنْصَار: يَا رَسُول الله، إِن لي غُلَاما نجارا أَفلا آخِره أَن يصنع لَك منبرا تخْطب عَلَيْهِ؟ قَالَ: بلَى. فَاتخذ منبرا. فَلَمَّا كَانَ يَوْم الْجُمُعَة خطب على الْمِنْبَر قَالَ: فَإِن الْجذع الَّذِي كَانَ يقوم عَلَيْهِ أَن كَمَا يَئِن الصَّبِي. فَقَالَ النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِن هَذَا بَكَى لما فقد من الذّكر».
الْبَزَّار: حَدثنَا إِبْرَاهِيم بن سعيد الْجَوْهَرِي، ثَنَا أَبُو أُسَامَة، عَن مُحَمَّد بن عَمْرو، عَن أبي سَلمَة، عَن أبي هُرَيْرَة «أَن النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخل حَائِطا فجَاء بعير فَسجدَ لَهُ فَقَالُوا: نَحن أَحَق أَن نسجد لَك. فَقَالَ: لَو أمرت أحدا أَن يسْجد لأحد لأمرت الْمَرْأَة أَن تسْجد لزَوجهَا».
تَابعه النَّضر بن شُمَيْل عَن مُحَمَّد بن عَمْرو.
البُخَارِيّ: حَدثنَا يُوسُف بن مُوسَى، ثَنَا عبيد الله بن مُوسَى، عَن إِسْرَائِيل، عَن أبي إِسْحَاق، عَن الْبَراء بن عَازِب قَالَ: «بعث رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أبي رَافع الْيَهُودِيّ رجَالًا من الْأَنْصَار، وَأمر عَلَيْهِم عبد الله بن عتِيك، وَكَانَ أَبُو رَافع يُؤْذِي النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ويعين عَلَيْهِ، وَكَانَ فِي حصن لَهُ بِأَرْض الْحجاز، فَلَمَّا دنوا مِنْهُ وَقد غربت الشَّمْس وَرَاح النَّاس بسرحهم قَالَ عبد الله لأَصْحَابه: اجلسوا مَكَانكُمْ فَإِنِّي منطلق متلطف للبواب لعَلي أَن أَدخل، فَأقبل حَتَّى دنا من الْبَاب ثمَّ تقنع بِثَوْبِهِ كَأَنَّهُ يقْضِي حَاجته، وَقد دخل النَّاس فَهَتَفَ بِهِ البواب: يَا عبد الله، إِن كنت تُرِيدُ أَن تدخل فَادْخُلْ، فَإِنِّي أُرِيد أَن أغلق الْبَاب. فَدخلت فَكَمَنْت، فَلَمَّا دخلُوا النَّاس، أغلق الْبَاب ثمَّ علق الأغاليق على ود. قَالَ: فَقُمْت إِلَى الأقاليد فأخذتها ففتحت الْبَاب، وَكَانَ أَبُو رَافع يسمر عِنْده، وَكَانَ فِي علالي لَهُ، فَلَمَّا ذهب عَنهُ أهل سمره صعدت إِلَيْهِ، فَجعلت كلما فتحت بَابا غلقت عَليّ من دَاخل. قلت: إِن الْقَوْم نذروا بِي لم يخلصوا إِلَيّ حَتَّى أَقتلهُ. فانتهيت إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ فِي بَيت مظلم وسط عِيَاله لَا أَدْرِي أَيْن هُوَ من الْبَيْت؟ قلت: أَبَا رَافع. قَالَ: من هَذَا؟ فَأَهْوَيْت نَحْو الصَّوْت فأضربه ضَرْبَة بِالسَّيْفِ وَأَنا دهش فَمَا أغنيت شَيْئا، وَصَاح، فَخرجت من الْبَيْت فأمكث غير بعيد ثمَّ دخلت إِلَيْهِ فَقلت: مَا هَذَا الصَّوْت يَا أَبَا رَافع؟ فَقَالَ: لأمك الويل، إِن رجلا فِي الْبَيْت ضَرَبَنِي قبل بِالسَّيْفِ. قَالَ: فأضربه ضَرْبَة ثخنته وَلم أَقتلهُ. ثمَّ وضعت ضبيب السَّيْف فِي بَطْنه حَتَّى أَخذ فِي ظَهره، فَعرفت أَنِّي قتلته، فَجعلت أفتح الْأَبْوَاب بَابا بَابا حَتَّى انْتَهَيْت إِلَى دَرَجَة لَهُ، فَوضعت رجْلي وَأَنا أرى أَنِّي قد انْتَهَيْت إِلَى الأَرْض، فَوَقَعت فِي لَيْلَة مُقْمِرَة، فَانْكَسَرت ساقي، فعصبتها بعمامة، ثمَّ انْطَلَقت حَتَّى جَلَست على الْبَاب، فَقلت: لَا أخرج اللَّيْلَة حَتَّى أعلم أقتلته. فَلَمَّا صَاح الديك قَامَ الناعي على السُّور فَقَالَ: أنعي أَبَا رَافع تَاجر أهل الْحجاز. فَانْطَلَقت إِلَى أَصْحَابِي فَقلت: النَّجَاء فقد قتل الله أَبَا رَافع. فانتهيت إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَحَدَّثته، فَقَالَ: ابْسُطْ رجلك. فبسطت رجْلي فمسحها، فَكَأَنَّهَا لم أشتكها قطّ».
البُخَارِيّ: حَدثنَا الْمَكِّيّ بن إِبْرَاهِيم، ثَنَا يزِيد بن أبي عبيد قَالَ: «رَأَيْت أثر ضَرْبَة فِي سَاق سَلمَة فَقلت: يَا أَبَا مُسلم مَا هَذِه الضَّرْبَة؟ قَالَ: هَذِه ضَرْبَة أصابتها يَوْم خَيْبَر، فَقَالَ النَّاس: أُصِيب سَلمَة فَأتيت إِلَى النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فنفث فِيهِ ثَلَاث نفثات فَمَا أشتكيها حَتَّى السَّاعَة».
البُخَارِيّ: حَدثنَا أَحْمد بن عُثْمَان، ثَنَا شُرَيْح بن مسلمة، حَدثنَا إِبْرَاهِيم بْن يُوسُف، عَن أَبِيه، عَن أبي إِسْحَاق، حَدثنِي عَمْرو بن مَيْمُون، أَنه سمع عبد الله بن مَسْعُود حدث عَن سعد بن معَاذ «أنه كَانَ صديقا لأمية بن خلف وَكَانَ أُميَّة إِذا مر بِالْمَدِينَةِ نزل على سعد، وَكَانَ سعد إِذا مر بِمَكَّة نزل على أُميَّة، فَلَمَّا قدم رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَة انْطلق سعد مُعْتَمِرًا فَنزل على أُميَّة بِمَكَّة فَقَالَ لأمية: انْظُر لي سَاعَة خلْوَة لعَلي أَن أَطُوف بِالْبَيْتِ. فَخرج بِهِ قَرِيبا من نصف النَّهَار فلقيهما أَبُو جهل فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَان من هَذَا مَعَك؟ قَالَ: هَذَا سعد. فَقَالَ لَهُ أَبُو جهل: أَلا أَرَاك تَطوف بِمَكَّة آمنا وَقد آويتم الصباة وزعمتم أَنكُمْ تنصرونهم وتعينونهم، أما وَالله لَوْلَا أَنَّك مَعَ أبي صَفْوَان مَا رجعت إِلَى أهلك سالما. فَقَالَ لَهُ سعد وَرفع صَوته: أما وَالله لَئِن منعتني هَذَا لأمنعنك مَا هُوَ أَشد عَلَيْك مِنْهُ: طريقك على الْمَدِينَة. فَقَالَ لَهُ أُميَّة: لَا ترفع صَوْتك يَا سعد على أبي الحكم فَإِنَّهُ سيد أهل الْوَادي. فَقَالَ سعد: دَعْنَا عَنْك يَا أُميَّة. فوَاللَّه لقد سَمِعت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: إِنَّهُم قاتلوك. قَالَ: بِمَكَّة؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. فَفَزعَ لذَلِك أُميَّة فَزعًا شَدِيدا، فَلَمَّا رَجَعَ أُميَّة إِلَى أَهله قَالَ: يَا أم صَفْوَان، ألم تري مَا قَالَ لي سعد؟ قَالَ: وَمَا قَالَ لَك؟ قَالَ: زعم أَن مُحَمَّدًا أخْبرهُم أَنهم قاتلي. فَقلت لَهُ: بِمَكَّة؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. فَقَالَ أُميَّة: وَالله لَا أخرج من مَكَّة. فَلَمَّا كَانَ يَوْم بدر اسْتنْفرَ أَبُو جهل النَّاس فَقَالَ: أدركوا عِيركُمْ. فكره أُميَّة أَن يخرج، فَأَتَاهُ أَبُو جهل فَقَالَ: يَا أَبَا صَفْوَان، إِنَّك مَتى يراك النَّاس قد تخلفت وَأَنت سيد أهل الْوَادي تخلفوا مَعَك. فَلم يزل بِهِ أَبُو جهل حَتَّى قَالَ: أما إِذا غلبتني فوَاللَّه لأشترين أَجود بعير بِمَكَّة. ثمَّ قَالَ أُميَّة: يَا أم صَفْوَان جهزيني. فَقَالَت لَهُ: يَا أَبَا صَفْوَان، وَقد نسيت مَا قَالَ لَك أَخُوك اليثربي؟ قَالَ: لَا، مَا أُرِيد أَن أجوز مَعَهم إِلَّا قَرِيبا. فَلَمَّا خرج أُميَّة أَخذ لَا يتْرك منزلا إِلَّا عقل بعيره، فَلم يزل كَذَلِك حَتَّى قَتله الله ببدر».
البُخَارِيّ: حَدثنَا مُحَمَّد بن الحكم، ثَنَا النَّضر، ثَنَا إِسْرَائِيل، ثَنَا سعد الطَّائِي، ثَنَا مَحل بن خَليفَة، عَن عدي بن حَاتِم قَالَ: «بَينا أَنا عِنْد النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ أَتَاهُ رجل فَشَكا إِلَيْهِ الْفَاقَة ثمَّ أَتَاهُ آخر فَشَكا إِلَيْهِ قطع السَّبِيل فَقَالَ: يَا عدي، هَل رَأَيْت الْحيرَة؟ قلت: لم أرها وَقد أنبئت عَنْهَا. قَالَ: فَإِن طَالَتْ بك حَيَاة لترين الظعينة ترتحل من الْحيرَة حَتَّى تَطوف بِالْكَعْبَةِ لَا تخَاف أحدا إِلَّا الله. قلت فِيمَا بيني وَبَين نَفسِي: فَأَيْنَ دعار طَيئ الَّذين قد سعروا الْبِلَاد؟ وَإِن طَالَتْ بك حَيَاة لتفتحن كنوز كسْرَى. قلت: كسْرَى بن هُرْمُز؟ قَالَ: كسْرَى بن هُرْمُز، وَإِن طَالَتْ بك حَيَاة لترين الرجل يخرج ملْء كَفه ذهب أَو فضَّة يطْلب من يقبل مِنْهُ فَلَا يجد أحدا يقبله مِنْهُ، وليلقين الله أحدكُم يَوْم يلقاه وَلَيْسَ بَينه وَبَينه ترجمان يترجم لَهُ، فليقولن لَهُ: ألم أبْعث إِلَيْك رَسُولا فيبلغك؟ فَيَقُول: بلَى. فَيَقُول: ألم أعطك مَالا وَأفضل عَلَيْك؟ فَيَقُول: بلَى. فَينْظر عَن يَمِينه فَلَا يرى إِلَّا جَهَنَّم، وَينظر عَن يسَاره فَلَا يرى إِلَّا جَهَنَّم. قَالَ عدي: سَمِعت النَّبِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: اتَّقوا النَّار وَلَو بشق تَمْرَة، فَمن لم يجد شقّ تَمْرَة فبكلمة طيبَة، قَالَ عدي: فَرَأَيْت الظعينة ترتحل من الْحيرَة حَتَّى تَطوف بِالْكَعْبَةِ لَا تخَاف إِلَّا الله، وَكنت فِيمَن فتح كنوز كسْرَى بن هُرْمُز، وَلَئِن طَالَتْ بكم حَيَاة لترون مَا قَالَ النَّبِي أَبُو الْقَاسِم صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يخرج ملْء كَفه».
مُسلم: حَدثنَا هَارُون بن مَعْرُوف وَمُحَمّد بن عباد- وتقاربا فِي لفظ الحَدِيث والسياق لهارون- قَالَ: ثَنَا حَاتِم بن إِسْمَاعِيل، عَن يَعْقُوب بن مُجَاهِد أبي حزرة، عَن عبَادَة بن الْوَلِيد بن عبَادَة بن الصَّامِت قَالَ: «خرجت أَنا وَأبي نطلب الْعلم فِي هَذَا الْحَيّ من الْأَنْصَار قبل أَن يهْلكُوا فَكَانَ أول من لَقينَا أَبَا الْيُسْر صَاحب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعَهُ غُلَام لَهُ مَعَه ضمامة من صحف، وعَلى أبي الْيُسْر بردة ومعافري، وعَلى غُلَامه بردة ومعافري، فَقَالَ لَهُ أبي: يَا عَم، إِنِّي أرى فِي وَجهك سفعة من غضب. قَالَ: أجل كَانَ لي على فلَان ابْن فلَان الحرامي مَال، فَأتيت أَهله فَسلمت فَقلت: ثمَّ هُوَ؟ قَالُوا: لَا. فَخرج عَليّ ابْن لَهُ جفر. فَقلت لَهُ: أَيْن أَبوك؟ قَالَ: سمع صَوْتك فَدخل أريكة أُمِّي. فَقلت: اخْرُج إِلَيّ فقد علمت أَيْن أَنْت. فَخرج، فَقلت: مَا حملك على أَن اخْتَبَأْت مني؟ قَالَ: وَالله أَنا أحَدثك ثمَّ لَا أكذبك، خشيت وَالله أَن أحَدثك فأكذبك، وَأَن أعدك فأخلفك، وَكنت صَاحب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكنت وَالله مُعسرا. قَالَ: قلت: آللَّهُ؟ قَالَ: آللَّهُ. قلت: آللَّهُ؟ قَالَ: آللَّهُ. قلت: آللَّهُ؟ قَالَ: آللَّهُ. قَالَ فَأتى بصحيفته فمحاها بِيَدِهِ، قَالَ: فَإِن وجدت قَضَاء فاقضني وَإِلَّا أَنْت فِي حل، فَأشْهد بصر عَيْني هَاتين- وَوضع إصبعيه على عَيْنَيْهِ- وَسمع أُذُنِي هَاتين ووعاه قلبِي هَذَا- وَأَشَارَ إِلَى منَاط قلبه- رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُول: من أنظر مُعسرا أَو وضع عَنهُ أظلهُ الله فِي ظله.
قَالَ: فَقلت لَهُ: أيا عَم، لَو أَنَّك أخذت بردة غلامك وأعطيته معافريك، وَأخذت معافرية وأعطيته بردتك فَكَانَ عَلَيْك حلَّة، وَعَلِيهِ حلَّة. فَمسح رَأْسِي وَقَالَ: اللَّهُمَّ بَارك فِيهِ، ابْن أخي، بصر عَيْني هَاتين، وَسمع أُذُنِي هَاتين، ووعاه قلبِي هَذَا- وَأَشَارَ إِلَى منَاط قلبه- رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَقُول: أطعموهم مِمَّا تَأْكُلُونَ، وألبسوهم مِمَّا تلبسُونَ. فَكَانَ أَن أَعْطيته من مَتَاع الدُّنْيَا أَهْون عَليّ من أَن يَأْخُذ من حسناتي يَوْم الْقِيَامَة.
ثمَّ مضينا حَتَّى أَتَيْنَا جَابر بن عبد الله فِي مَسْجِد، وَهُوَ يُصَلِّي فِي ثوب وَاحِد مُشْتَمِلًا بِهِ، فتخطيت الْقَوْم حَتَّى جَلَست بَينه وَبَين الْقبْلَة. فَقلت: يَرْحَمك الله، أَتُصَلِّي فِي ثوب وحد ورداؤك إِلَى جبنك؟! قَالَ: فَقَالَ بِيَدِهِ فِي صَدْرِي هَكَذَا، وَفرق بَين أَصَابِعه وقوسها: أردْت أَن يدْخل عَليّ الأحمق مثلك فيراني كَيفَ أصنع فيصنع مثله، أَتَانَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسْجِدنَا هَذَا، وَفِي يَده عرجون ابْن طَابَ، فَرَأى فِي قبْلَة الْمَسْجِد نخامة، فحكها بالعرجون، ثمَّ أقبل علينا، فَقَالَ: أَيّكُم يحب أَن يعرض الله عَنهُ؟ قَالَ: فخشعنا، ثمَّ قَالَ: أَيّكُم يحب أَن يعرض الله عَنهُ؟ قَالَ: فخشعنا. ثمَّ قَالَ: أَيّكُم يحب أَن يعرض الله عَنهُ؟ قَالَ فخشعنا. ثمَّ قَالَ: أَيّكُم يحب أَن يعرض الله عَنهُ؟ قُلْنَا: لَا أَيّنَا يَا رَسُول الله. قَالَ: فَإِن أحدكُم إِذا قَامَ يُصَلِّي فَإِن الله قبل وَجهه فَلَا بيصقن قبل وَجهه وَلَا عَن يَمِينه، وليبصق عَن يسَاره تَحت رجله الْيُسْرَى، فَإِن عجلت بِهِ بادرة فَلْيقل بِثَوْبِهِ هَكَذَا. ثمَّ طوى ثَوْبه بعضه على بعض فَقَالَ: أروني عبيرا. فَقَامَ فَتى من الْحَيّ يشْتَد إِلَى أَهله. فجَاء بخلوق فِي رَاحَته، فَأَخذه رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجعله على رَأس العرجون، ثمَّ لطخ بِهِ على أثر النخامة، فَقَالَ جَابر: فَمن ثمَّ جعلتم الخلوق فِي مَسَاجِدكُمْ.
وسرنا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَة بطن بواط، وَهُوَ يطْلب المجدي بن عَمْرو الْجُهَنِيّ، وَكَانَ الناضح يعتقبه منا الْخَمْسَة والستة والسبعة، فدارت عقبَة رجل من الْأَنْصَار على نَاضِح لَهُ فأناخه، فَرَكبهُ، ثمَّ بَعثه، فتلدن عَلَيْهِ بعض التلدن، فَقَالَ لَهُ شأ لعنك الله. فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من هَذَا اللاعن بعيره؟ قَالَ: أَنا يَا رَسُول الله. قَالَ: انْزِلْ عَنهُ فَلَا تصحبنا بملعون، لَا تدعوا على أَنفسكُم، وَلَا تدعوا على أَوْلَادكُم، وَلَا تدعوا على أَمْوَالكُم؛ لَا توافقوا من الله سَاعَة يسْأَل فِيهَا عَطاء فيستجيب لكم.
وسرنا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذا كُنَّا عشيشية ودنونا من مياه الْعَرَب، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: من رجل يتقدمنا فيمدر الْحَوْض فيشرب ويسقينا؟ قَالَ جَابر: فَقُمْت: فَقلت: هَذَا رجل يَا رَسُول الله. فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَي رجل مَعَ جَابر؟ فَقَامَ جَبَّار بن صَخْر، فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْبِئْر فنزعنا فِي الْحَوْض سجلا أَو سَجْلَيْنِ ثمَّ مدرناه، ثمَّ نَزَعْنَا فِيهِ، حَتَّى أفهقناه، فَكَانَ أول طالع علينا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: أتأذنان؟ قُلْنَا: نعم يَا رَسُول الله، فأشرع نَاقَته فَشَرِبت وشنق لَهَا فشجت فبالت، ثمَّ عَادَتْ فأناخها ثمَّ جَاءَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحَوْض، فَتَوَضَّأ مِنْهُ، ثمَّ قُمْت فَتَوَضَّأت من متوضأ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذهب جَبَّار بن صَخْر يقْضِي حَاجته، فَقَامَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليُصَلِّي وَكَانَت عَلَيْهِ بردة ذهبت أَن أُخَالِف بَين طرفيها فَلم تبلغ لي، وَكَانَ لَهَا ذباذب فنكستها ثمَّ خَالَفت بَين طرفيها ثمَّ تواقصت عَلَيْهَا ثمَّ جِئْت حَتَّى قُمْت عَن يسَار رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأخذ بيَدي فأدارني حَتَّى أقامني عَن يَمِينه، ثمَّ جَاءَ جَبَّار بن صَخْر فَتَوَضَّأ ثمَّ جَاءَ فَقَامَ عَن يسَار رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأخذ بيدينا جَمِيعًا فدفعنا حَتَّى أقامنا خَلفه، فَجعل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يرمقني وَأَنا لَا أشعر ثمَّ فطنت بِهِ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ يَعْنِي: شده وسطك. فَلم فرغ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا جَابر. قلت: لبيْك يَا رَسُول الله. قَالَ: إِذا كَانَ وَاسِعًا فَخَالف بَين طَرفَيْهِ وَإِذا كَانَ ضيقا فاشدده على حقوك.
فسرنا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ قوت كل رجل منا فِي كل يَوْم تَمْرَة فَكَانَ يمصها ثمَّ يصرها فِي ثَوْبه، وَكُنَّا نتخبط بقسينا وَنَأْكُل حَتَّى قرحت أشداقنا فأقسم لأخطئها رجل منا يَوْمًا فَانْطَلَقْنَا بِهِ ننعشه، فَشَهِدْنَا أَنه لم يُعْطهَا، فأعطيها فَقَامَ فَأَخذهَا.
وسرنا مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى نزلنَا وَاديا أفيح فَذهب رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقْضِي حَاجته فاتبعته بإدواة من مَاء، فَنظر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أحداهما فَلم ير شَيْئا يسْتَتر بِهِ، فَإِذا شجرتان بشاطئ الْوَادي، فَانْطَلق رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى إِحْدَاهمَا، فَأخذ بِغُصْن من أَغْصَانهَا، فَقَالَ: انقادي عَليّ بِإِذن الله. فانقادت مَعَه كالبعير المخشوش الَّذِي يصانع قائده، حَتَّى أَتَى الشَّجَرَة الْأُخْرَى فَأخذ بِغُصْن من أَغْصَانهَا فَقَالَ: انقادي عَليّ بِإِذن الله. فانقادت مَعَه كَذَلِك حَتَّى إِذا كَانَ الْمنصف مِمَّا بَينهمَا فالأم بَينهمَا يَعْنِي- جَمعهمَا- فَقَالَ: التئما عَليّ بِإِذن الله تَعَالَى فالتأمتا. قَالَ جَابر: فَخرجت أحضر مَخَافَة أَن يحس رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقربي فيبعد- قَالَ ابْن عباد: فيبتعد- فَجَلَست أحدث نَفسِي فحانت مني لفتة فَإِذا أَنا برَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُقبلا، وَإِذا الشجرتان قد افترقتا، فَقَامَتْ كل وَاحِدَة مِنْهُمَا على سَاق، فَرَأَيْت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقف وَقْفَة فَقَالَ بِرَأْسِهِ هَكَذَا- وَأَشَارَ أَبُو إِسْمَاعِيل بِرَأْسِهِ يَمِينا وَشمَالًا- ثمَّ أقبل فَلَمَّا انْتهى إِلَيّ قَالَ: يَا جَابر، هَل رَأَيْت مقَامي؟ قلت: نعم يَا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَانْطَلق إِلَى الشجرتين فاقطع من كل وَاحِدَة مِنْهُمَا غصنا فَأقبل بهما حَتَّى إِذا قُمْت مقَامي فَأرْسل غصنا عَن يَمِينك، وغصنا عَن شمالك. قَالَ جَابر: فَقُمْت فَأخذت حجرا فَكَسرته وحسرته فاندلق لي، فَأتيت الشجرتين فَقطعت من على كل وَاحِدَة مِنْهُمَا غصنا، ثمَّ أَقبلت أجرهما حَتَّى قُمْت مقَام رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أرْسلت غصنا عَن يَمِيني وغصنا عَن يساري، ثمَّ لحقته فَقلت: قد فعلت يَا رَسُول الله فَعم ذَاك؟ قَالَ: إِنِّي مَرَرْت بقبرين يعذبان فَأَحْبَبْت بشفاعتي أَن يرفه ذَلِك عَنْهُمَا مَا دَامَ الغصنان رطبين. قَالَ: فأتينا الْعَسْكَر، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا جَابر، نَاد الْوضُوء. فَقلت: أَلا وضوء، أَلا وضوء، أَلا وضوء؟ قَالَ: قلت: يَا رَسُول الله مَا وجدت فِي الركب من قَطْرَة. وَكَانَ رجل من الْأَنْصَار يبرد لرَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المَاء فِي أشجاب لَهُ على حمارة من جريد. قَالَ: فَقَالَ لي: انْطلق إِلَى فلَان الْأنْصَارِيّ فَانْظُر هَل فِي أشجابه من شَيْء. قَالَ: فَانْطَلَقت إِلَيْهِ فَنَظَرت فِيهَا فَلم أجد فِيهَا إِلَّا قَطْرَة فِي عزلاء شجب مِنْهَا، لَو أَنِّي أفرغه لشربه يابسه فَأتيت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقلت: يَا رَسُول الله، لم أجد فِيهَا إِلَّا قَطْرَة فِي عزلاء شجب مِنْهَا، لَو أَنِّي أفرغته لشربه يابسه. قَالَ: اذْهَبْ فائتني بِهِ. فَأَتَيْته بِهِ فَأَخذه بِيَدِهِ فَجعل يتَكَلَّم بِشَيْء لَا أَدْرِي مَا هُوَ ويغمزه بِيَدِهِ ثمَّ أعطانيه، فَقَالَ: يَا جَابر، نَاد بِجَفْنَة. فَقلت: يَا جَفْنَة الركب. فَأتيت بهَا تحمل، فَوَضَعتهَا بَين يَدَيْهِ فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ فِي الْجَفْنَة هَكَذَا فبسطها وَفرق بَين أَصَابِعه، ثمَّ وَضعهَا فِي قَعْر الْجَفْنَة فَقَالَ: يَا جَابر، فصب عَليّ وَقل: بِسم الله. فَصَبَبْت بِسم الله فَرَأَيْت المَاء يفور من بَين أَصَابِع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثمَّ فارت الْجَفْنَة وفارت حَتَّى امْتَلَأت فَقَالَ: يَا جَابر، نَاد من كَانَ لَهُ حَاجَة بِمَاء. قَالَ فَأتى النَّاس فاستقوا حَتَّى رووا. قَالَ: فَقلت: هَل بَقِي أحد لَهُ حَاجَة؟ فَرفع رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَده من الْجَفْنَة وَهِي ملأى.
وشكى النَّاس إِلَى رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُوع، فَقَالَ: عَسى الله أَن يطعمكم. فأتينا سيف الْبَحْر فزخر الْبَحْر زخرة فَألْقى دَابَّة فأورينا على شقها النَّار، فاطبخنا واشتوينا، وأكلنا وشبعنا.
قَالَ جَابر: فَدخلت أَنا وَفُلَان وَفُلَان- حَتَّى عد خَمْسَة- فِي حجاج عينهَا، مَا يَرَانَا أحد حَتَّى خرجنَا، وأخذنا ضلعا من أضلاعها فقوسناه، ثمَّ دَعونَا بأعظم رجل فِي الركب، وَأعظم جمل فِي الركب، وَأعظم كفل فِي الركب فَدخل تَحْتَهُ مَا يطاطئ رَأسه»
.
مُسلم: حَدثنَا منْجَاب بن الْحَارِث التَّمِيمِي، أخبرنَا ابْن مسْهر، عَن الْأَعْمَش، عَن إِبْرَاهِيم، عَن أبي معمر، عَن عبد الله بن مَسْعُود قَالَ: «بَيْنَمَا نَحن مَعَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بمنى إِذا انْفَلق الْقَمَر فلقَتَيْنِ، فَكَانَت فلقَة وَرَاء الْجَبَل وَفلقَة دونه، فَقَالَ لنا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اشْهَدُوا».
مُسلم: حَدثنِي زُهَيْر بن حَرْب وَعبد بن حميد قَالَا: ثَنَا يُونُس بن مُحَمَّد، ثَنَا شَيبَان، ثَنَا قَتَادَة، عَن أنس «أن أهل مَكَّة سَأَلُوا رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن يُرِيهم آيَة فَأَرَاهُم انْشِقَاق الْقَمَر مرَّتَيْنِ».
أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيّ: حَدثنَا أَبُو عوَانَة، عَن الْمُغيرَة، عَن أبي الضُّحَى، عَن مَسْرُوق، عَن عبد الله قَالَ: «انْشَقَّ الْقَمَر على عهد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَت قُرَيْش: هَذَا سحر ابْن أبي كَبْشَة. قَالَ: فَقَالُوا: لتنظروا مَا يأتيكم بِهِ السفار فَإِن مُحَمَّدًا لَا يَسْتَطِيع أَن يسحر النَّاس كلهم. قَالَ: فجَاء السفار فَقَالُوا كَذَلِك».