فصل: فيمن ادعى قبل رجل أنه غصبه ألف درهم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


فيمن استهلك ثيابا أو حيوانا أو عروضا مما لا يكال ولا يوزن

قلت‏:‏ أرأيت أن استهلك له ثيابا أو حيوانا أو عروضا مما لا يكال ولا يوزن‏؟‏

قال‏:‏ عليه قيمته عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ فان لقيه بغير البلد الذي اغتصبه فيه‏؟‏

قال‏:‏ عليه قيمته يوم اغتصبه قيمته في البلاد التي اغتصبه فيها ويأخذه بالقيمة حيثما وجده‏.‏

قلت‏:‏ وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ إنما تجعل عليه قيمته يوم اعتصبه ولا يلتفت إلى قيمته أن كانت قد زادت بعد ذلك أو نقصت‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك من اغتصب حيوانا فانما عليه قيمته يوم اغتصبه ولست ألفت إلى نقصان قيمة الحيوان أو زيادته بعد ذلك‏.‏

فيمن استهلك لرجل سمنا أو عسلا

قلت‏:‏ أرأيت أن استهلكت لرجل سمنا أو عسلا في بعض المواضع فلم أجد له في الموضع الذي استهلكته فيه سمنا ولا عسلا أيكون علي قيمته أم لا‏؟‏ قال‏:‏ ليس عليك إلا مثله تأتي به ذلك لك لازم إلا أن تصطلحا على شيء لأن مالكا قال لي إنما عليه مثل ما استهلك في الموضع الذي استهلكه فيه‏.‏

فيمن غصب جارية فأصابها عنده عور أو عمى ثم استحقها ربها فأراد أخذ الجارية

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا غصب من رجل جارية فأصابها عنده عور أو عمى أو ذهاب يد من السماء ثم استحقها ربها فأراد سيدها أن يأخذ الجارية ويأخذ من الغاصب ما نقصها العيب‏؟‏

قال‏:‏ ليس ذلك له إنما له أن يأخذها بعينها ولا شيء له أو يأخذ قيمتها من الغاصب يوم اغتصبها ويسلم الجارية‏.‏

قلت‏:‏ لم‏؟‏

قال‏:‏ لأن الغاصب كان ضامنا لها يوم غصبها فما أصابها بعد ذلك من أمر من السماء فليس الغاصب بضامن لذلك وإنما هو ضامن للقيمة التي كان لها ضامنا بالغصب لأن الذي أصابها ليس من فعله وإنما يضمن قيمتها أن لو ماتت فأما إذا أصابها عيب من ذهاب عين أو يد أو رجل أو ما أشبه هذا من العيوب فانه يقال لربها خذ قيمتها يوم غصبها أو خذ جاريتك ولا شيء لك غير ذلك‏.‏

قلت‏:‏ فان قال الغاصب لا أغرم جميع قيمتها وهذه الجارية فخذها مني وخذ مني ما نقصها العيب عندي أيكون ذلك له أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا لأنه قد ضمن قيمتها يوم غصبها إلا أن يردها صحيحة بحال ما أخذها‏.‏

قلت‏:‏ فان كانت صحيحة يوم يستحقها سيدها إلا أن الأسواق قد حالت والجارية لم تتغير بزيادة بدن ولا نقصان بدن أيضمن قيمتها إذا جاء ربها‏؟‏

قال‏:‏ لا ولا يلتفت في هذا إلى حوالة الأسواق ويقال لرب الجارية خذ جاريتك ولا شيء لك غيرها وهذا كله قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كان الغاصب هو الذي قطع يدها أيكون لربها أن يضمنه ما نقصها القطع ويأخذ جاريته في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأن قطعة يدها جناية منه وان أحب أخذ قيمتها يوم غصبها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن قطع يدها أجنبي من الناس فهرب فلم يقدر عليه فأتى ربها فاستحقها أيكون له أن يأخذ جاريته ويضمن الغاصب ما نقصها‏؟‏

قال‏:‏ لا ليس له إلا أن يأخذ جاريته ويتبع الجاني أن أحب أو يأخذ قيمتها يوم غصبها من الغاصب ويتبع الغاصب الجاني بما جنى عليه‏.‏

فيمن اغتصب رجلا نخلا أو شجرا أو ابلا أو غنما فأثمرت النخل وتوالدت الغنم

قلت‏:‏ أرأيت أن اغتصبت من رجل نخلا أو شجرا أو غنما أو ابلا فأثمرت النخل وتوالدت الغنم عندي أو الابل فجززت أصوافها وشربت ألبانها وأكلت سمونها وجبنها ثم قام ربها فاستحقها أله أن يضمنني ما أكلت من ذلك ويأخذها مني بأعيانها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إلا ما كان من ذلك يؤكل أو يوزن فعليه مثل كيله أو وزنه‏.‏

قلت‏:‏ فان كانت قد ماتت أله أن يضمنني قيمتها وقيمة ما أكلت منها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا لأنه بلغني عن مالك أنه قال لو أن رجلا اغتصب رجلا جارية أو دابة فولدت عنده أولادا ثم هلكت الأم فأراد ربها أن يأخذ ولدها وقيمة الأم منه لم يكن ذلك له وإنما له قيمة الأم ويسلم الأولاد أو يأخذ الأولاد ولا قيمة له في الأمهات فكذلك ما باع أو أكل إذا ماتت أمهاتها فانما له قيمة أمهاتها أو الثمن الذي باع به أو قيمة ما أكل بمنزلة ما لو وجد أولادها وقد هلكت أمهاتها فما أكل أو باع فهو بمنزلة الأولاد إذا وجدهم وهو رأيي الذي آخذ به ألا ترى لو أن الغاصب باعها من رجل فولدت عنده ثم هلكت أمهاتها فأتى ربها لم يكن له أن يأخذ أولادها وقيمة الأم من المغتصب وإنما له أن يأخذ أولادها ويتبع المشترى الغاصب بالثمن أو يأخذ الثمن من الغاصب أو قيمتها يوم غصبها ويترك الولد في يد المشترى ولا يجتمع على المغتصب قيمتها ويتبع بالثمن فالمغتصب في موت أمهاتها ومن ماتت عنده ممن اشتراها من المغتصب بمنزلة سواء إذا ماتت أمهاتها وهو الذي سمعت وبلغني من قول مالك ممن أثق به‏.‏

قلت‏:‏ وهذه النخل وهذه الشجر وهذه الحيوان التي اغتصبت وأكلت ثمرته أن كنت قد سقيته وعالجته وعملت فيه ورعيت الغنم وأنفقت عليها في رعايتها ومصلحتها أيكون ما أنفقت في ذلك لي‏؟‏

قال‏:‏ لا شيء لك فيما أنفقت على النخل ولا في رعاية الغنم ولكن يكون ذلك لك فيما عليك من قيمة الغنم إلا أن يكون ما أنفقت أكثر مما اغتللت ألا ترى لو أن رجلا سرق دابة فحلبها أشهرا وأنفق عليها ثم أتى ربها فاستحقها أنه لا شيء له فيما علف وسقى وكذلك الغاصب‏.‏

قلت‏:‏ تحفظ عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا ولكن هذا رأيي‏.‏

في الدور والعبيد إذا غصبها رجل زمانا والارضين فاستحق ذلك

قلت‏:‏ أرأيت الدور والعبيد إذا غصبهم رجل زمانا والارضين فأكرى ذلك كله أو زرع أو سكن أو لم يسكن ولم يكر ولم يزرع الأرض فأتى رجل فاستحق أنه غصبها منه منذ كذا وكذا سنة أيكون له على الغاصب كراء هذه الدور وهذه الارضين وهؤلاء العبيد هذه السنين في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك في الرجل يغتصب الرجل الدابة فتقيم عنده أشهرا فيستعملها أنه لا كراء عليه فيها فكذلك العبيد عندي بمنزلة الحيوان‏.‏

قال سحنون‏:‏ وقد روى علي بن زياد عن مالك أنه يرجع بالغلة وقاله أشهب‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ وأما الدور والارضون فان كان زرعها أو سكنها فان عليه كراءها وان لم يسكن ولا اكرى ولا زرع فلا شيء عليه من الكراء وهو قول من أرضى من أهل العلم وان كان أكراها غرم ما أخذ من الكراء بمنزلة ما لو سكن أو زرع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبد إذا كان استخدمه أيكون عليه كراؤه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا كراء عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العاقلة هل تحمل دية العبد إذا قتله رجل عمدا كان أو خطأ‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا تحمل العاقلة دم العبد خطأ كان أو عمدا عند مالك‏.‏

فيمن اغتصب دارا فلم يسكنها وانهدمت من غير سكنى

قلت‏:‏ أرأيت أن اغتصبت دارا فلم أسكنها فانهدمت من غير سكناى أأضمن قيمتها في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم تضمن قيمتها لأن مالكا قال فيمن غصب دابة أو غلاما فمات عنده بعد يوم أو يومين فهو ضامن لقيمته فكذلك الدار‏.‏

قلت‏:‏ أفيكون علي كراء الدار للسنين التي اغتصبتها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا‏؟‏

قال‏:‏ وسألت مالكا عن السارق يسرق الدابة فيستعملها فيريد ربها أن يأخذها منه ويأخذ كراء ما استعملها فيه‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا أرى ذلك له ولا أرى له إلا دابته إذا كانت على حالها فان كان قد أعجفها وأنقصها فربها مخير أن أحب أن يأخذ قيمتها فذلك له وان أحب أن يأخذها معيبة فذلك له‏؟‏

قال‏:‏ فقلت له فان كانت أسواقها قد اختلفت وهي على حالها فأراد أن يضمنه قيمتها يوم سرقها‏؟‏

قال‏:‏ ليس له ذلك إذا وجدها على حالها فليس له إلا دابته‏.‏

فيمن استعار دابة أو اكتراها فتعدى عليها

قلت‏:‏ أرأيت أن استعارها منى إلى موضع من المواضع فتعدى عليها أيكون لي كراء ما تعدى إليه في قول مالك وآخذ دابتي منه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم أن كان تعديه ذلك تعديا بعيدا كان رب الدابة بالخيار في قيمة الدابة يوم تعدى عليها وفي كراء ما تعدى فيه ويأخذ دابته‏.‏

قلت‏:‏ فان ردها بحالها أو أحسن حالا‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك وان ردها بحالها أو أحسن حالا فذلك له لأنه قد حبسها عن أسواقها ومنافعها‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك الكراء إذا تعدى فيه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ الكراء والعارية إذا تعدى فيهما فهما سواء القول فيهما واحد عند مالك‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك إذا كان تعديه في الكراء مثل الأميال أو البريد وما أشبهه ثم أتى بها وهي على حالها فأراد ربها أن يلزمه قيمتها‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى ذلك له إلا أن تعطب فيه وليس له إلا كراء ما تعدى عليها إذا أتى بها على حالها‏.‏

قلت‏:‏ فان أصابها في ذلك البريد الذي تعدى فيه عيب أيكون لرب الدابة أن يضمنه قيمة الدابة‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا كان عيبا مفسدا وان كان العيب اليسير فأرى ذلك مثل من تعدى على بهيمة رجل فضربها وان كان عيبا يسيرافعليه ما نقص من ثمنها وان كان عيبا مفسدا لزمه جميع قيمتها وأخذها لأن مالكا لم ير البريد وما أشبهه تعديا يضمن بتعديه بذلك قيمتها إذا ردها على حالها وانما ضمنه إذا عطبت في ذلك التعدي فهو في هذا البريد إذا تعدى فاصابها فيه عيب بمنزلة رجل تعدى على دابة رجل فنقرها أو ضربها لأنه حين تعدى هذا البريد لم يضمن قيمتها بالتعدي ساعة تعدى وانما يضمن ما حدث فيها من عيب‏.‏

قلت‏:‏ فما الفرق ما بين الغاصب والسارق يسرق الدابة فيستعملها ويريد ربها أن يأخذها منه ويأخذ كراء ما استعملها فيه‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا أرى ذلك وليس له إلا دابته إذا كانت على حالها فإذا كان أعجفها أو نقصها فربها مخير أن أحب أن يأخذ قيمتها فذلك له وان أحب أن يأخذها نغيبلا فذلك له‏؟‏

قال‏:‏ فقلت له فما الفرق بين الغاصب والسارق وبين المستعير والمتكارى‏.‏

قلت‏:‏ في المستعير والمتكارى أنه إذا رد الدابة وقد تعدى عليها فأصابها العيب أن رب الدابة مخير في أن يأخذ الدابة بعينها ويأخذ كراءها وفي أن يضمن المتكارى أو المستعير قيمتها يوم تعدى عليها وان ردها صحيحة وكان تعديه ذلك ليس ببريد وما أشبهه ولكن أكثر من ذلك فله أن يضمنه أن شاء قيمتها يوم تعدى وان شاء أخذ دابته وأخذ كراءها ‏(‏وقلت‏)‏ في السارق والغاصب لا يضمن الكراء إنما لرب الدابة أن يأخذ دابته إذا وجدها بعينها وليس له غير ذلك إذا كانت بحالها يوم غصبت أو يوم سرقت وان كانت أسواقها قد حالت فليس له إلا دابته معينة أو قيمتها يوم غصبها أو سرقها ولا كراء له وليس على الغاصب ولا على السارق في واحد من الوجهين كراء‏.‏

قال ابن القاسم‏:‏ لأن مالكا قال في المتكارى إذا حبسها عن أجلها الذي تكاراها إليه جاز عليه كراء ما حبسها فيه وان كان لم يركبها وهي على حالها قائمة على مداودها وان حبسها عن أسواقها فلربها أن يضمنه قيمتها يوم حبسها‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في السارق إذا سرقها فحبسها عن أسواقها ومنافعها فوجدها صاحبها على حالها لم يكن له على سارقها قيمة ولا كراء ولم يكن له إلا دابته بعينها فهذا فرق ما بينهما عند مالك والمغتصب بمنزلة السارق والمستعير بمنزله المتكارى ولولا ما قال مالك لجعلت على السارق مثل ما أجعل على المتكارى من كراء ركوبه اياها وأضمنه قيمتها إذا حبسها عن أسواقها ولكني أخبرتك بقول مالك فيها وهو الذي آخذ به ولقد قال جل الناس أن السارق والمستعير والمتكارى والغاصب بمنزلة واحدة ولا كراء عليهم وليس عليهم إلا القيمة أو يأخذ دابته فكيف يجعل على المغتصب والسارق كراء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الأرض والدور أليس قد قال مالك في الدار إذا اغتصبها رجل فزرعها أن عليه كراءها ويردها‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ والدور عند مالك بتلك المنزلة‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا سكنها الذي اغتصبها فعليه كراء ما سكن‏.‏

قلت‏:‏ فالدابة إذا سرقها فركبها لم قلت لا كراء عليه فيها في قول مالك فما فرق ما بين الدابة وبين الدور والارضين‏؟‏

قال‏:‏ كذلك سمعت من مالك لأن الدابة لو أن رجلا سرقها فحبسها حينا فأنفق عليها وكبرت الدابة والجارية والغلام بهذه المنزلة فاستحقهم صاحبهم أنه يأخذهم بزيادتهم ولا نفقة لمن أنفق عليهم في طعامهم ولا كسوتهم ولا علوفة الدواب وان الدور لو أحدث فيها عملا والأرض ثم جاء صاحبها فاستحقها أخذ الغاصب ما كان له فيها ولهذه الأشياء وجوه تنصرف إليها‏.‏

فيمن سرق دابة من رجل فأكراها

قلت‏:‏ أرأيت أن سرق رجل دابة من رجل فأكراها فاستحقها ربها بعد ما ركبها المتكارى وأخذ السارق الكراء أيكون لرب الدابة أن يأخذ دابته ويأخذ كراءها في قول مالك وكيف أن كان السارق حابى في الكراء أيضمن ما حابى فيه أم لا‏؟‏ قال‏:‏ سألنا مالكا عن السارق يسرق الدابة فيجدها صاحبها عنده وقد نقصها واستعملها فما ترى له فيها‏؟‏

قال‏:‏ أرى له قيمتها يوم سرقها‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فان أراد أن يأخذها وكراء ما استعملها فيه‏؟‏

قال‏:‏ ليس ذلك له وأرى أن يأخذ دابته ولا كراء له إذا كانت الدابة لم تتغير عن حالها وان كانت قد نقصت كان على السارق قيمتها يوم سرقها ولا كراء لصاحب الدابة فيما أكراها به السارق لأني لو جعلت لصاحبها كراء لجعلت له فيما استعملها السارق كراء لأنه كان ضامنا لها وجعلت للسارق في قيامه عليها على ربها كراء وأعطيته نفقته التي أنفق عليها ولا يشبه الحيوان الدور ولا الأرضين فيما سكن أو زرع وإنما الدور والأرضون فيما سكن أو زرع بمنزلة ما أكل الغاصب أو لبس وهذا رأيي في السارق والسارق والغاصب مخالفان للمتكارى والمستعير وقد وصفت لك ذلك‏.‏

فيمن استعار دابة أو اكتراها فتعدى عليها

قلت‏:‏ أرأيت أن اكتريت دابة رجل أو استعرتها إلى موضع من المواضع فتعديت عليها فنفقت الدابة‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك رب الدابة مخير في أن يأخذ منك قيمة دابته يوم تعديت عليها أو يأخذ منك كراء ما تعديت به عليها ولا شيء له من قيمة الدابة فإذا كان إنما أكراها منه فتعدى عليها فماتت فان رب الدابة مخير في أن يأخذ منه قيمتها يوم تعدى عليها أو الكراء من الموضع الذي ركب منه إلى الموضع الذي تعدى فيه ولا يكون عليه فيما ركبها في حال التعدى قليل ولا كثير وان أحب أن يأخذ منه كراءها إلى الموضع الأول الذي تعدى فيه وكراء ما تعدى ولا شيء له من قيمة الدابة فذلك له‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سأل رجل مالكا وأنا عنده عن رجل استعار دابة ليشيع عليها الحاج إلى ذي الحليفة فلما أتى ذا الحليفة ننحي قريبا من ذي الحليفة فنزل ثم رجع فنفقت الدابة في رجوعه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أن كان الموضع الذي ننحي إليه منزلا من منازل الناس التي ينزلونها من ذي الحليفة فلا شيء عليه وان كان تعدى من منازل الناس فأراه ضامنا‏.‏

فيمن وهب لرجل طعاما أو ثيابا أو اداما فأتى رجل فاستحق ذلك وقد أكله

قلت‏:‏ أرأيت أن وهبت لرجل طعاما أو ثيابا أو اداما فأتي رجل فاستحق ذلك وقد أكله الموهوب له أو لبس الثياب فأبلاها فضمنه المستحق قيمة ما أبلى أو أكرى أيكون للموهوب له أن يرجع على الواهب بشيء من ذلك لأنه غره في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ إنما يكون للمستحق أن يرجع على الموهوب له في هذه الأشياء أبدا إذا كان الواهب عديما لا شيء له أو لا يقدر على الواهب فأما إذا كان الواهب مليا يقدر عليه فلا ضمان على الموهوب له وإنما للمستحق أن يضمن ذلك الواهب‏.‏

قلت‏:‏ فان كان الواهب عديما فضمن المستحق الموهوب له أيكون للموهوب له أن يرجع على الواهب بذلك في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أقوم على حفظ قول مالك في هذا ولا أرى ذلك له‏.‏

فيمن استعار من رجل ثوبا شهرين فلبسه شهرين فنقصه اللبس فأتى رجل فاستحقه

قلت‏:‏ أرأيت أن استعرت من رجل ثوبا شهرين لالبسه فلبسته شهرين فنقصه لبسى فأتى رجل فاستحق الثوب والذي أعارني الثوب عديم لا شيء له أيكون للذي استحقه أن يضمننى ما نقصه لبسى الثوب‏؟‏

قال‏:‏ نعم في رأيي مثل ما قال مالك في الاشتراء‏.‏

قلت‏:‏ فان ضمننى أيكون لي أن أرجع بذلك على الذي أعارني في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا أرى لك أن ترجع عليه بشيء لأن الهبة معروف ولأنه لم يأخذ لهبته ثوابا فيرجع عليه بالثواب‏؟‏

قال‏:‏ ولم أسمع هذا من مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن كنت استأجرت الثوب فلبسته فنقصه لبسي فأتى رب الثوب أيكون له أن يضمننى‏؟‏

قال‏:‏ نعم مثل ما قال مالك في شراء الثوب أنه إذا لبسه وقد اشتراه فنقصه لبسه أنه ضامن لما نقص لبسه وكذلك الاجارة عندي هي مثل البيع‏.‏

قلت‏:‏ فهل يرجع على الذي آجره الثوب بما أخذ منه من الاجارة‏؟‏

قال‏:‏ نعم كما يرجع في البيع بالثمن ألا ترى أنه إذا لبس الثوب وقد اشتراه فنقصه اللبس فضمن مالك المشترى ما نقص اللبس الثوب وأخذ ثوبه أنه يرجع على البائع بجميع الثمن فكذلك هذا في الاجارة وهو في البيوع في قول مالك وفي الاجارة رأيي‏.‏

فيمن ادعى قبل رجل أنه غصبه ألف درهم

قلت‏:‏ أرأيت لو أني ادعيت قبل رجل أنه غصبني ألف درهم أيكون لي أن أستحلفه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في امرأة ادعت أن فلانا استكرهها على نفسها قال مالك أن كان الرجل لا يشار إليه بشيء من هذا رأيت على المرأة الحد وان كان ممن يشار إليه بالفسق رأيت أن ينظر السلطان في ذلك فكذلك الغصب في الأموال إذا ادعى رجل قبل رجل غصبا فان السلطان ينظر في ذلك فان كان المدعى عليه ممن لا يتهم في شيء من هذا رأيت أن يؤدب السلطان الذي ادعى ذلك وان كان ممن يتهم بذلك نظر السلطان في ذلك وأحلفه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن هذا الغاصب كان ممن يتهم بذلك فاستحلفه فأبى أن يحلف أيقضى عليه بالمال أم حتى يحلف المدعي‏؟‏

قال‏:‏ لا يقضى عليه حتى يحلف المدعي لأن مالكا يرى أن ترد اليمين على المدعى في الحقوق إذا نكل المدعى عليه عن اليمين فكذلك هذا في مسئلتك لأن هذا من حقوق الناس‏.‏

فيمن اغتصب من رجل ثوبا فادعى الغاصب والمغصوب منه خلقا وقال المغصوب منه غصبته جديدا

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا غصب من رجل ثوبا وادعي الغاصب أنه غصبه منه خلقا وقال المغصوب منه غصبتنيه جديدا‏؟‏

قال‏:‏ القول قول الغاصب مع يمينه‏.‏

قلت‏:‏ فان استحلفه المغصوب منه فحلف وأخذ المغصوب منه الثوب خلقا ثم وجد بعد ذلك بينة يشهدون أنه غصبه منه جديدا أتجيز بينته بعد اليمين في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إذا لم يكن علم ببينته يوم استحلفه لأنه بلغني عن مالك أنه قال في رجل ادعى قبل رجل حقا وله بينة يعلم بها فاستحلفه ورضى بيمينه عند السلطان أو عند غير السلطان ثم أراد أن يقيم البينة عليه بعد ذلك قال فلا شيء له لأنه قد ترك البينة ورضى بيمينه‏؟‏

قال‏:‏ وسمعت مالكا يقول في رجل له على رجل دين فجحده فاستحلفه وهو لا يعلم أن له بينة فحلف المدعى قبله ثم أصاب عليه بعد ذلك بينة يشهدون له‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك تقبل بينته ويقضي له بحقه لأن هذا لم يعلم ببينته يوم استحلفه فمسألتك مثل هذ‏.‏

فيمن اغتصب من رجل سويقا فلته بسمن فأتى رجل فاستحق ذلك السويق

قلت‏:‏ أرأيت لو أني اغتصبت من رجل سويقا فلتته بسمن فأتى رجل فاستحق ذلك السويق‏؟‏

قال‏:‏ تضمن له سويقا مثل ذلك السويق‏.‏

قلت‏:‏ فان غصب رجل من رجل ثوبا فصبغه أحمر أو أصفر أو أسود فأتى رجل فاستحقه‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا وأراه مخيرا بين أن يدفع إلى الغاصب قيمة صبغه ويأخذ ثوبه وبين أن يسلمه إلى الغاصب ويأخذ قيمته يوم غصبه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن غصبت من رجل حنطة فطحنتها دقيقا‏؟‏

قال‏:‏ أحب ما فيه إلي أن يضمن له حنطة مثل حنطته‏.‏

فيمن سرق من رجل دابة فنقصها

قال ابن القاسم‏:‏ سألت مالكا عن السارق الذي يسرق الدابة فيجدها صاحبها عنده وقد نقصها واستعملها فماذا ترى له‏؟‏

قال‏:‏ أرى له قيمتها يوم سرقها‏؟‏

قال‏:‏ فقلت فان أراد أن يأخذها وكراء ما استعملها فيه‏؟‏

قال‏:‏ ليس ذلك له‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فان أكراها السارق فنقصها أيكون لربها أن يأخذها وبأخذ الكراء في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا ليس له إلا أن يأخذها ولا كراء له ولا شيء أو يضمنه القيمة أن تغيرت أو نقصت‏.‏

فيمن اغتصب من رجل سوار ذهب فاستهلكها ماذا عليه

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا اغتصب من رجل سوار ذهب فاستهلكه ماذا عليه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك عليه قيمته مصوغا من الفضة‏.‏

قلت‏:‏ فيصلح له إذا ضمنه قيمته أن يؤخره في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا بأس به وإنما هو حكم من الاحكام وانما هو بمنزلة رجل غصب ثوبا من رجل فحكم عليه بقيمته دراهم فلا بأس أن يؤخره‏؟‏

قال‏:‏ فان قال قائل ليس هو مثله لأن الثياب بالدراهم إلى أجل لا بأس بها والذهب بالورق إلى أجل لا خير فيه فقد أخطأ لأنه حين استهلكه لم يكن عليه ذهب إنما كان عليه ورق فما كان يكون عليه في القضاء فلا بأس به أن أخره أو عجله لأنه ليس ببيع وإنما هو حكم من الاحكام‏.‏

فيمن كسر لرجل سوارين من فضة

قلت‏:‏ أرأيت أن كسرت لرجل سوارين من فضة‏؟‏

قال‏:‏ أرى عليك قيمة ما أفسدت ويكون السواران لربهما وإنما عليك قيمة صياغتهما‏.‏

قلت‏:‏ تحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا وإنما رأيت هذا الذي قلت لك لأنه إنما أفسد له صياغته فليس عليه إلا تلك الصياغة ألا ترى لو أن رجلا كسر لصائغ سوارين من ذهب قد صاغهما لرجل بكراء كان عليه قيمة الصياغة وليس عليه غير ذلك وليس فساد الصياغة تلفا للذهب كما يكون في العروض إذا أفسدها فسادا فاحشا أخذها ويضمن قيمتها‏.‏

فيمن ادعى وديعة لرجل أنها له

قلت‏:‏ أرأيت السلعة تكون عند الرجل وديعة أو عارية أو باجارة فيغيب ربها ثم يدعيها رجل ويقيم البينة أنها له أيقضي له بها وربها غائب في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم يقضى على الغائب وهذا بعد الاستيناء والاستبراء وكذلك قال مالك إلا أن يكون ربها بموضع قريب فيتلوم له القاضي ويأمر أن يكتب إليه حتى يقدم‏.‏

فيمن غصب من رجل حنطة ومن آخر شعيرا فخلطهما أو خشبة فجعلها في بنيانه

قلت‏:‏ أرأيت أن اغتصبت من رجل حنطة ومن آخر شعيرا فخلطتهما ما علي‏؟‏

قال‏:‏ عليك حنطة مثل الحنطة لصاحب الحنطة وشعير مثل الشعير لصاحب الشعير‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اغتصب رجل من رجل خشبة فجعلها في بنيانه‏؟‏

قال‏:‏ بلغني أن مالكا قال يأخذها ربها ويهدم بنيانه‏.‏

قلت‏:‏ والحجر إذا أدخله في بنيانه‏؟‏

قال‏:‏ هو بمنزلة الخشبة كذلك‏؟‏

قال‏:‏ مالك يأخذه ربه‏.‏

فيمن غصب من رجل خشبة فعمل بها مصراعين

قلت‏:‏ أرأيت أن اغتصب من رجل خشبة فعمل منها مصراعين‏؟‏

قال‏:‏ هذا يكون لرب الخشبة قيمتها‏؟‏

قال‏:‏ ولم أسمع هذا من قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ وما فرق ما بين هذا وبين الذي أدخلها في بنيانه‏؟‏

قال‏:‏ الذي أدخلها في بنيانه قد بلغني عن مالك ما أخبرتك وفرق ما بينهما أنه لم يغير الخشبة التي أدخلها في البنيان وهذا الذي عمل منها مصراعين قد غيرها وصار له ها هنا عمل فلا يذهب عمله باطلا وإنما عليه قيمتها لأنه أن ظلم فلا يظلم‏.‏

فيمن اغتصب من رجل فضة فضربها دراهم أو صاغ منها حليا

قلت‏:‏ أرأيت أن اغتصب من رجل فضة فضربها دراهم أو صنع منها حليا‏؟‏

قال‏:‏ عليه فضة مثلها وما أحفظ أني سمعت من مالك فيه شيئا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اغتصبت من رجل ترابا فجعلته ملاطا لبنياني ماذا له علي‏؟‏

قال‏:‏ عليك مثله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أني اغتصبت من رجل وديا من النخل أو شجرا صغيرا فقلعتها وغرستها في أرضي فكبرت فأتى ربها‏؟‏

قال‏:‏ يأخذها‏.‏

قلت‏:‏ يأخذها بعد ما صارت كبارا‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ فلو غصبت من رجل حنطة فزرعتها فأخرجت حنطة كثيرة‏؟‏

قال‏:‏ أرى عليك قمحا مثله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت النخلة الصغيرة إذا غصبها فصارت نخلة كبيرة لم قلت يأخذها ربها‏؟‏

قال‏:‏ ألا ترى أنه إذا غصبه دابة صغيرة فكبرت عنده أن ربها يأخذها فكذلك النخلة‏.‏

في مسلم غصب مسلما خمرا فخللها أو غصب من رجل جلد ميتة غير مدبوغ فأتلفه

قلت‏:‏ أرأيت أن غصب مسلم مسلما خمرا فخللها فأتى ربها أيكون له أن يأخذها خلا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في مسلم كان عنده خمر قال أرى أن يهريقها فان اجترأ فلم يهرقها حتى صيرها خلافا يأكلها فأرى أنها للمغصوبة منه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اغتصبت من رجل جلد ميتة غير مدبوغ فاتلفته أيكون علي شيء أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ عليك قيمته‏.‏

قلت‏:‏ لم قلت عليك قيمته وقد قال مالك لا تباع جلود الميتة‏؟‏

قال‏:‏ ألا ترى أن مالكا‏؟‏ قال لا يباع كلب الزرع ولا كلب الماشية ولا كلب الصيد ولا يحل ثمنها ومن قتلها كان عليه قيمتها كذلك قال مالك في الكلاب فجلود الميتة بهذه المنزلة‏.‏

قلت‏:‏ أكان مالك يكره الصلاة في جلود الميتة وعليها وبيعها وان دبغت‏؟‏

قال‏:‏ نعم‏.‏

قلت‏:‏ ولا تلبس وان دبغت‏؟‏

قال‏:‏ نعم في قول مالك لا تلبس وان دبغت‏؟‏

قال‏:‏ ولكن يقعد عليها إذا دبغت وتفرش وتمتهن للمنافع ولا يصلى عليها ولا تلبس قال فقلت لمالك أفيستقى بها‏؟‏

قال‏:‏ أما أنا فاتقيها في خاصة نفسي وما أحب أن أضيق على الناس وغيرها أحب إلي منها‏؟‏

قال‏:‏ ولا يؤكل ثمنها وان دبغت‏.‏

قلت‏:‏ فجلود السباع إذا ذكيت أيحل بيعها إذا دبغت أو قبل أن تدبغ‏؟‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك أنه قال في جلود السباع إذا ذكيت أنه لا بأس بالصلاة عليها فإذا‏؟‏ قال لا بأس بالصلاة عليها فلا بأس بلبسها ولا بأس ببيعها‏.‏

قلت‏:‏ فهل كان مالك يوقت في أثمان الكلاب في كلب الزرع فرق من طعام وفي كلب الماشيئة شاة من الضأن وفي كلب الصيد أربعون درهما‏؟‏

قال‏:‏ لا لم يكن يوقت هذا ولكن كان يقول على قاتله قيمته‏.‏

في الغاصب يكون محاربا

قلت‏:‏ أرأيت الغاصب هل يكون محاربا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ليس كل غاصب يكون محاربا أرأيت السلطان إذا غصب رجلا متاعا أو دارا أيكون هذا محاربا‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون هذا محاربا في قول مالك إنما لمحارب من قطع الطريق أو دخل على رجل في حريمه فدافعه على شيئه وكابره فهذا المحارب أو لقيه في الطريق فضربه أو دفعه عن شيئه بعصى أو بسيف أو بغير ذلك فهؤلاء المحاربون في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا مات وعليه دين للناس وترك دنانير ودراهم فأنى قوم فشهدوا لرجل أنه اغتصب منه هذه الدنانير وهذه الدراهم بأعيانها من هذا الرجل أيكون أحق بها من الغرماء‏؟‏

قال‏:‏ أن عرفوها بأعيانها وشهدوا عليها فهو أحق بها من الغرماء في رأيي‏.‏

فيمن اغتصب سلعة فاستودعها رجلا فتلفت عنده فأتى ربها

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا غصب من رجل سلعة فاستودعها رجلا فتلفت عنده فأتى ربها فاستحقها أيكون له على المستودع شيء أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا شيء عليه إلا أن تتلف من فعله‏.‏

منع الامام الناس الحرس إلا باذن

قال ابن القاسم‏:‏ فقلت لمالك يا أبا عبد الله أنا نكون في ثغورنا بالاسكندرية فيقولون لنا أن الامام يقول لا تحرسوا إلا باذني‏؟‏

قال‏:‏ مالك ويقول أيضا لا تصلوا إلا باذني‏.‏

أي ليس قوله هذا بشيء وليحرس الناس ولا يلتفتوا إلى قوله هذا‏.‏

فيمن أقر أنه غصب من رجل ثوابا فجعله ظهارة لجبته

قلت‏:‏ أرأيت لو أني أقررت أني غصبت من رجل ثوبا فجعلته ظهارة لجبتي هذه أيكون علي قيمته أم يكون لربه أن يأخذه مني‏؟‏

قال‏:‏ لربه أن يأخذه منك مثل الخشبة التي أدخلها في البنيان أو يضمنك قيمة الثوب‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أقررت لرجل أني غصبته هذا الخاتم ثم قلت بعد ما أقررت به أن لي فصه أأصدق أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا تصدق إلا أن يكون الكلام نسقا متتابعا‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك الجبة إذا أقربها ثم قال بعد ذلك البطانة لي‏؟‏

قال‏:‏ هذا والخاتم سواء‏.‏

قلت‏:‏ أتحفظه عن مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك الدار عند مالك إذا أقر بها أنه غصبها ثم قال بعد ذلك البنيان أنا بنيته‏.‏

فقال‏:‏ هذا مثل الخاتم سواء‏.‏

فيمن اغتصب أرضا فغرسها أو شيئا مما يوزن أو يكال فأتلفه

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا غصب أرضا فغرس فيها شجرا فاستحقها ربها‏؟‏

قال‏:‏ يقال للغاصب اقلع شجرك إلا أن يشاء رب الأرض أن يأخذها بقيمتها مقلوعة وكذلك البنيان إذا كان للغاصب في قلعه منفعة فانه يقال له اقلعه إلا أن يشاء رب الأرض أن يأخذه بقيمته مقلوعا وأما ما ليس للغاصب فيه منفعة فليس له أن يقلعه وليس له في حفر حفرة في بئر في الأرض أو تراب ردم به حفرا في الأرض أو مطامير حفرها فليس له في ذلك شيء لأن هذا مما لا يقدر الغاصب على أخذه وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اغتصبت من رجل حديدا أو نحاسا أو رصاصا أو ما أشبه هذا مما يوزن أو يكال فأتلفته أيكون علي مثله‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك من اشترى بيعا جزافا مثل ما سألت عنه فأتلفه فعليه مثله وكذلك الغصب هو بمنزلة هذا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت أن اغتصبت من رجل حديدا أو نحاسا فصنعت منه قدرا أو سيوفا أيكون للمغصوب منه أن يأخذ ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا أرى له إلا وزنا مثل نحاسه أو حديده‏.‏

الحكم بين أهل الذمة والمسلم يغصب نصرانيا خمرا

قلت‏:‏ أرأيت أهل الذمة إذا تظالموا فيما بينهم في الخمر يأخذها بعضهم من بعض أو يفسدها بعضهم لبعض أيحكم فيما بينهم أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم يحكم فيما بينهم في الخمر لأنها مال من أموالهم‏.‏

قلت‏:‏ أليس قد قال مالك إذا تظالموا بينهم حكمت بينهم ودفعتهم عن الظلم أفليس الخمر من أموالهم التي ينبغي أن يدفع بعضهم عن ظلم بعض فيها‏؟‏

قال‏:‏ بلى كذلك أرى أن يحكم بينهم فيها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ولا يحكم بينهم في الربا إذ تظالموا بينهم في الربا وتحاكموا إلينا لم أحكم بينهم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا رضوا أن يحكم بينهم في الخمر والربا ظالمهم ومظلومهم أيحكم بينهم ويردهم إلى رؤس أموالهم‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا وسأله رجل عن الحكم بين النصارى فقال يقول الله تبارك وتعالى في كتابه في الحكم بين النصارى فاحكم بينهم أو أعرض عنهم‏؟‏

قال‏:‏ والترك أحب إلي فان حكم حكم بالعدل ثم قال مالك أرأيت لو أربي بعضهم على بعض أكان يحكم بينهم استنكارا أن يفعل ذلك فلا أرى أن يحكم بينهم في شيء من الربا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت مسلما غصب نصرانيا خمرا‏؟‏

قال‏:‏ عليه قيمتها في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ ومن يقومها‏؟‏

قال‏:‏ يقومها أهل دينهم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل والمرأة إذا دفنا في قبر واحد من يقدم في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ الرجل‏.‏

قلت‏:‏ أفيجعل بينهما حاجز من الصعيد‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا إلا أنه قال يقدم الرجل‏.‏

قلت‏:‏ أفيدفنان في قبر واحد من غير ضرورة‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه إلا ما أخبرتك‏.‏

قلت‏:‏ من يدخل قبر المرأة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أبوها وأخوها وعصبتها أولى بالصلاة عليها وزوجها أولى بادلائها في قبرها وغسلها من أبيها وابنها‏؟‏

قال‏:‏ وأرى أن يدخل ذو محارمها دون الأجنبي فان اضطروا إلى الأجنبي فلا بأس أن يدخل القبر في رأيي ولم أسمع من مالك فيه شيئا‏.‏

فيمن استحق أرضا وقد عمل المشترى فيها عملا

قلت‏:‏ أرأيت أن اشترى رجل أرضا فحفر فيها مطامير أو آبارا أو بنى فيها ثم أتى ربها فاستحقها ما يكون له في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ يقال للذي استحقها ادفع قيمة العمارة والبناء إلى هذا الذي اشتراها وخذ أرضك وما فيها من العمارة وهذا قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في الرجل يشتري الأرض فيعمرها بأصل يضعه فيها أو البئر يحفرها فيها ثم يأتي رجل فيدرك فيها حقا فيريد أن يأخذ بالشفعة‏؟‏

قال‏:‏ لا شفعة له فيها إلا أن يعطيه قيمة ما عمر فان أعطاه كان أحق بشفعته والا فلا حق له فيها‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك في الأرض الموات إذا أتى رجل إلى أرض فأحياها وهو يظن أنها موات وأنها ليست لأحد ثم استحقها رجل‏؟‏

قال‏:‏ مالك في قضاء عمر بن الخطاب أنا آخذ به وأرى أنه إذا أبى هذا وأبى هذا أنهما يكونان شريكين بقدر ما أنفق هذا من عمارته وبقدر قيمة الأرض يكونان شريكين في الأرض والعمارة جميعا وهذه المسألة قد اختلف فيها وهذا أحسن ما سمعت وأحب ما فيه إلي وأنا أري أن الذي اشترى الأرض فبنى فيها إذا أتى الذي استحقها أن يغرم له قيمة ما أنفق ويأخذها أو يقال للذي اشتراها اغرم له قيمة بقعته وحدها واتبع من اشتريت منه بالثمن فان أبى كانا شريكين صاحب العرصة بقيمة عرصته والمشترى بقيمة ما أحدث يكونا شريكين فيهما على قدر مالهما فيقسمان أو يبيعان‏.‏

وكذلك الذي يريد أن يأخذ بالشفعة فيما استحق أنه يقال للمستحق ادفع إليه قيمة ما عمر وخذ بالشفعة فان أبى قيل للمشترى ادفع إليه نصف قيمة البقعة التي استحق فان فعل كان ذلك له ورجع على البائع بنصف الثمن فان أبى أن يدفع قيمة ما استحق وأبى المستحق أن يدفع إليه قيمة ما عمل ويأخذ بالشفعة نظر إلى نصف الدار التي اشترى المشترى وإلى نصف ما أحدث فيكون له ثم ينظر إلى قيمة ما أحدثه في حصة المستحق وينظر إلى قيمة حصة المستحق فيكونان شريكين في ذلك لصاحب البنيان بقدر نصف قيمة البنيان الذي بني في حصة المستحق فيكون للمستحق قدر نصيبه فيما استحق فيكونان شريكين في ذلك النصف بقدر ما لكل واحد منهما من القيمة فيكون للمشترى النصف الذي اشتراه ونصف جميع قيمة ما أحدثه من البنيان وهذا أحسن ما سمعت وتكلمت فيه مع من تكلمت ولم أوقف مالكا فيهما على أمر أبلغ فيه حقيقته ألا ترى أنه مما يبين لك هذا أن المستحق يستحق الدار أو المستحق للنصف بالشفعة إذا لم يجد ما يعطى أكان يذهب حقه فيقال له اتبع من باع ولعله أن يكون معدما وليس ذلك كذلك فلا بد له من أخذ حقه فإذا لم يأخذ أسلم وإذا أبى المشتري أن يأخذ حملا على الشركة على ما فسرت لك وهذا أحسن ما سمعت والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب‏.‏